وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ادْعُ اللَّهَ فِي يَوْمِ سَرَّائِكَ لَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكَ فِي يَوْمِ ضَرَّائِكَ.

وَأَعْظَمُ الشَّدَائِدِ الَّتِي تَنْزِلُ بِالْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا الْمَوْتُ، وَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَصِيرُ الْعَبْدِ إِلَى خَيْرٍ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ بِالتَّقْوَى وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ - وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 18 - 19] [الْحَشْرِ: 18 - 19] .

فَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَرَخَائِهِ، وَاسْتَعَدَّ حِينَئِذٍ لِلِقَاءِ اللَّهِ بِالْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ، ذَكَرَهُ اللَّهُ عِنْدَ هَذِهِ الشَّدَائِدِ، فَكَانَ مَعَهُ فِيهَا، وَلَطَفَ بِهِ، وَأَعَانَهُ، وَتَوَلَّاهُ، وَثَبَّتَهُ عَلَى التَّوْحِيدِ، فَلَقِيَهُ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ، وَمَنْ نَسِيَ اللَّهَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَرَخَائِهِ، وَلَمْ يَسْتَعِدَّ حِينَئِذٍ لِلِقَائِهِ، نَسِيَهُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الشَّدَائِدِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَهْمَلَهُ فَإِذَا نَزَلَ الْمَوْتُ بِالْمُؤْمِنِ الْمُسْتَعِدِّ لَهُ، أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ، وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى مِنَ اللَّهِ، فَأَحَبَ لِقَاءَ اللَّهِ، وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَالْفَاجِرُ بِعَكْسِ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَبْشِرُ بِمَا قَدَّمَهُ مِمَّا هُوَ قَادِمٌ عَلَيْهِ، وَيَنْدَمُ الْمُفْرِّطُ، وَيَقُولُ: {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] [الزُّمَرِ: 56.

] قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ: كَيْفَ لَا أَرْجُو رَبِّي وَقَدْ صُمْتُ لَهُ ثَمَانِينَ رَمَضَانَ؟ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ لِابْنِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: أَتَرَى اللَّهَ يُضَيِّعُ لِأَبِيكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015