الظَّاهِرِيِّ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْفُوعُ: " «لَا أَدْرِي: الْحُدُودُ طِهَارَةٌ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا؟» " فَقَدْ خَرَّجَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: لَا يَثْبُتُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ الزُّهْرِيِّ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَغَلَطَ عَبْدُ الرَّازَّقِ فَوَصَلَهُ، قَالَ: وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ. وَمِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ قَالَ: الْحَدُّ لَيْسَ بِكَفَّارَةٍ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُحَارِبِينَ: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 33 - 34] [الْمَائِدَةِ: 33 - 34] وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجْتَمِعُ لَهُمْ عُقُوبَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ عُقُوبَتَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَعُقُوبَتَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهُمَا، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ " مَنْ تَابَ " فَإِنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ عُقُوبَةِ الدُّنْيَا خَاصَّةً، فَإِنَّ عُقُوبَةَ الْآخِرَةِ تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» " صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الْكَبَائِرَ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِهَا، كَانَتْ تَحْتَ مَشِيئَتِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْفَرَائِضِ لَا تُكَفِّرُهَا وَلَا تَمْحُوهَا، فَإِنَّ عُمُومَ الْمُسْلِمِينَ يُحَافِظُونَ عَلَى الْفَرَائِضِ، لَا سِيَّمَا مَنْ بَايَعَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَقَدْ تَابَ عَنْهَا بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ