ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ، وَيْلٌ لِأَقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» وَفُسِّرَ أَقْمَاعُ الْقَوْلِ بِمَنْ كَانَتْ أُذُنَاهُ كَالْقَمْعِ لِمَا يَسْمَعُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَإِذَا دَخَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي أُذُنِهِ خَرَجَ فِي الْأُخْرَى، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ مِمَّا سَمِعَ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ» " قَدْ يُرَادُ بِالْحَسَنَةِ التَّوْبَةُ مِنْ تِلْكَ السَّيِّئَةِ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ خَرَّجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ مَرَاسِيلِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: " «يَا مُعَاذُ اتَّقِ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتَ، وَاعْمَلْ بِقُوَّتِكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَطَقْتَ، وَاذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ كُلِّ شَجَرَةٍ وَحَجَرٍ، وَإِنْ أَحْدَثْتَ ذَنْبًا، فَأَحْدِثْ عِنْدَهُ تَوْبَةً، إِنْ سِرًّا فَسِرٌّ وَإِنْ عَلَانِيَةً فَعَلَانِيَةٌ» " وَخَرَّجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ بِمَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنْ مُعَاذٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ سَلْمَانُ: إِذَا أَسَأْتَ سَيِّئَةً فِي سَرِيرَةٍ، فَأَحْسِنْ حَسَنَةً فِي سَرِيرَةٍ، وَإِذَا أَسَأْتَ سَيِّئَةً فِي عَلَانِيَةٍ، فَأَحْسِنْ حَسَنَةً فِي عَلَانِيَةٍ، لِكَيْ تَكُونَ هَذِهِ بِهَذِهِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَسَنَةِ التَّوْبَةَ أَوْ أَعَمَّ مِنْهَا. وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّ مَنْ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ، فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ ذَنْبُهُ أَوْ يُتَابُ عَلَيْهِ