وَهُوَ أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَرُبَّمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ بِالْكُلِّيَّةِ، لِتَعْيِينِهِ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ كَرَدِّ الْوَدَائِعِ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ الزَّكَاةَ كَذَلِكَ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا تُجْزِئُ بِنِيَّةِ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ كَالْحَجِّ. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ تَصَدَّقَ بِالنِّصَابِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَجْزَأَهُ عَنْ زَكَاتِهِ. وَقَدْ رُوِيَ «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا، يُلَبِّي بِالْحَجِّ عَنْ رَجُلٍ، فَقَالَ لَهُ أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنِ الرَّجُلِ» . وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. وَأَخَذَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَغَيْرِهِمَا، فِي أَنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ تَسْقُطُ بِنِيَّةِ الْحَجِّ مُطْلَقًا، سَوَاءً نَوَى التَّطَوُّعَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا يَشْتَرِطُ لِلْحَجِّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ، فَمَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَجَّ عَنْ نَذْرِهِ، أَوْ نَفْلًا وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ عَنْهَا، وَقَدْ ثَبَتَ «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَعْدَمَا دَخَلُوا مَعَهُ، وَطَافُوا وَسَعَوْا أَنْ يَفْسَخُوا حَجَّهُمْ وَيَجْعَلُوهُ عُمْرَةً، وَكَانَ مِنْهُمُ الْقَارِنُ وَالْمُفْرِدُ، وَإِنَّمَا كَانَ طَوَافُهُمْ عِنْدَ قُدُومِهِمْ طَوَافَ الْقُدُومِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ، وَقَدْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015