وَأَبُو دَاوُدَ، فَهَذَا غَضِبَ لِلَّهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فِي حَالِ غَضَبِهِ لِلَّهِ بِمَا لَا يَجُوزُ، وَحَتَّمَ عَلَى اللَّهِ بِمَا لَا يَعْلَمُ، فَأَحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ، فَكَيْفَ بِمَنْ تَكَلَّمَ فِي غَضَبِهِ لِنَفْسِهِ، وَمُتَابَعَةِ هَوَاهُ بِمَا لَا يَجُوزُ. وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " «عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ، فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: خُذُوا مَتَاعَهَا وَدَعُوهَا» . وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَتَلَّدَنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ، فَقَالَ لَهُ: سِرْ، لَعَنَكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْزِلْ عَنْهُ، فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ، لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءً، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ» . فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دُعَاءَ الْغَضْبَانِ قَدْ يُجَابُ إِذَا صَادَفَ سَاعَةَ إِجَابَةٍ، وَأَنَّهُ يُنْهَى عَنِ الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ فِي الْغَضَبِ. وَأَمَّا مَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: 11] [يُونُسَ: 11] ، قَالَ: هُوَ الْوَاصِلُ لِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ إِذَا غَضِبَ عَلَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُبَارِكْ فِيهِ، اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، يَقُولُ: لَوْ عُجِّلَ لَهُ ذَلِكَ، لَأَهْلَكَ مَنْ دَعَا عَلَيْهِ، فَأَمَاتَهُ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَجَابُ