قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «أَلَّا إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، أَفَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ، وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ، فَمَنْ أَحَسَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَلْزَقْ بِالْأَرْضِ» . وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ، فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ» . وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى فِي هَذَا أَنَّ الْقَائِمَ مُتَهَيِّئٌ، لِلِانْتِقَامِ، وَالْجَالِسُ دُونَهُ فِي ذَلِكَ، وَالْمُضْطَجِعُ أَبْعَدُ عَنْهُ، فَأَمَرَهُ بِالتَّبَاعُدِ عَنْ حَالَةِ الِانْتِقَامِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «الْغَضَبُ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ تَوَقَّدُ أَلَا تَرَى إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ، فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلْيَجْلِسْ، وَلَا يَعْدُوَنَّهُ الْغَضَبُ» ". وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ يَحْبِسُهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَا يُعَدِّيهِ إِلَى غَيْرِهِ بِالْأَذَى بِالْفِعْلِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتَنِ: " «إِنَّ الْمُضْطَجِعَ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَاعِدِ، وَالْقَاعِدَ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمَ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» " وَإِنْ