وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لَوْ نَزَلَ الضَّيْفُ بِالْعَبْدِ أَضَافَهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ، وَلِلضَّيْفِ أَنْ يَأْكُلَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ سَيِّدَهُ أَذِنَ لَهُ، لِأَنَّ الضِّيَافَةَ وَاجِبَةٌ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إِجَابَةُ دَعْوَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَجَابُوا دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا، فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ ابْتِدَاءً جَازَ إِجَابَةُ دَعْوَتِهِ، فَإِضَافَتُهُ لِمَنْ نَزَلَ بِهِ أَوْلَى.
وَمَنَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ دَعْوَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ بِدُونِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، وَنَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الضِّيَافَةِ لِلْغُزَاةِ خَاصَّةً بِمَنْ مَرُّوا بِهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ وُجُوبُهَا لِكُلِّ ضَيْفٍ نَزَلَ بِقَوْمٍ.
وَاخْتُلِفَ قَوْلُهُ: هَلْ تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى أَمْ تَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْقُرَى وَمَنْ كَانَ عَلَى طَرِيقٍ يَمُرُّ بِهِمُ الْمُسَافِرُونَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ عَنْهُ.
وَالْمَنْصُوصُ عَنْهُ: أَنَّهَا تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَخَصَّ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْوُجُوبَ لِلْمُسْلِمِ، كَمَا لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
فَأَمَّا الْيَوْمَانِ الْآخَرَانِ، وَهُمَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ، فَهُمَا تَمَامُ الضِّيَافَةِ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا الْجَائِزَةُ الْأُولَى، وَقَالَ: قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْجَائِزَةِ، وَالضِّيَافَةِ، وَالْجَائِزَةُ أَوْكَدُ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَوْجَبَ الضِّيَافَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ: مِنْهُمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْآمِدِيُّ، وَمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ، فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الضِّيَافَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ الْأُولَى، وَرَدَّهُ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ