حَرَمُكَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْكَ حَرَمَكَ، فَاقْتُلْهُ» " وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
وَمِنْهَا قَتْلُ الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ إِذَا تَجَسَّسَ لِلْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَأَبَاحَ قَتْلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَمِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَنْ قَالَ: إِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ أُبِيحَ قَتْلُهُ، وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَبَاحَ قَتْلَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ «حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ لَمَّا كَتَبَ الْكِتَابَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِسَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِأَخْذِ حِذْرِهِمْ فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ فِي قَتْلِهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا» فَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُبِيحُ دَمَهُ، وَإِنَّمَا عَلَّلَ بِوُجُودِ مَانِعٍ مِنْ قَتْلِهِ، وَهُوَ شُهُودُهُ بَدْرًا وَمَغْفِرَةُ اللَّهِ لِأَهْلِ بَدْرٍ، وَهَذَا الْمَانِعُ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُ. وَمِنْهَا مَا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي " الْمَرَاسِيلِ " مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «مَنْ ضَرَبَ أَبَاهُ فَاقْتُلُوهُ» " وَرُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَا يَصِحُّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْرَفُ بِهِ قَائِلٌ مُعْتَبَرٌ، كَحَدِيثِ " «مَنْ ضَرَبَ أَبَاهُ فَاقْتُلُوهُ» "، وَحَدِيثِ: " «قَتْلُ السَّارِقِ فِي الْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ» " وَبَاقِي النُّصُوصِ كُلُّهَا يُمْكِنُ رَدُّهَا إِلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ تَضَمَّنَ أَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ دَمُ الْمُسْلِمِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثِ