فَقَالَا لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بِأَيِّ شَيْءٍ أَدْرَكْتَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ؟ قَالَ: بِيَسِيرٍ مِنَ الدُّنْيَا: فَطَمْتُ نَفْسِي عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَكَفَفْتُ لِسَانِي عَمَّا لَا يَعْنِينِي، وَرَغِبْتُ فِيمَا دَعَانِي إِلَيْهِ، وَلَزِمْتُ الصَّمْتَ، فَإِنْ أَقْسَمْتُ عَلَى اللَّهِ، أَبَرَّ قَسَمِي، وَإِنْ سَأَلْتُهُ أَعْطَانِي.

دَخَلُوا عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِي مَرَضِهِ وَوَجْهُهُ يَتَهَلَّلُ، فَسَأَلُوهُ، عَنْ سَبَبِ تَهَلُّلِ وَجْهِهِ، فَقَالَ مَا مِنْ عَمَلٍ أَوْثَقُ عِنْدِي مِنْ خَصْلَتَيْنِ: كُنْتُ لَا أَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِينِي، وَكَانَ قَلْبِي سَلِيمًا لِلْمُسْلِمِينَ.

وَقَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: أَمْرٌ أَنَا فِي طَلَبِهِ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سَنَةً لَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ وَلَسْتُ بِتَارِكِ طَلَبِهِ أَبَدًا، قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الْكَفُّ عَمَّا لَا يَعْنِينِي. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.

وَرَوَى أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَأَخْبَرُوهُ، وَقَالُوا: أَخْبِرْنَا بِأَوْثَقِ عَمَلِكَ فِي نَفْسِكَ، قَالَ: إِنَّ عَمَلِي لَضَعِيفٌ، وَأَوْثَقُ مَا أَرْجُو بِهِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ، وَتَرْكِي مَا لَا يَعْنِينِي» .

وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مِنْ عَلَامَةِ إِعْرَاضِ اللَّهِ تَعَالَى، عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَجْعَلَ شُغْلَهُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: مَنْ تَكَلَّمَ فِيمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015