الْغَرْزِ، فَنَادَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ، زَادُكَ حَرَامٌ، وَنَفَقَتُكَ حَرَامٌ، وَحَجُّكَ غَيْرُ مَبْرُورٍ» ". وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بِنَحْوِهِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ أَيْضًا.
وَرَوَى أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرِئٍ فِي جَوْفِهِ حَرَامٌ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَجِّ مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ، وَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ حَرَامٍ، هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ بِذَلِكَ، وَفِيهِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُتَقَبَّلُ الْعَمَلُ مَعَ مُبَاشَرَةِ الْحَرَامِ، لَكِنَّ الْقَبُولَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الرِّضَا بِالْعَمَلِ، وَمَدْحُ فَاعِلِهِ، وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْمُبَاهَاةُ بِهِ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ حُصُولُ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِهِ مِنَ الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هَاهُنَا الْقَبُولُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ مِنَ الذِّمَّةِ، كَمَا وَرَدَ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ الْآبِقِ، وَلَا الْمَرْأَةُ الَّتِي زَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَلَا مَنْ أَتَى كَاهِنًا، وَلَا مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَالْمُرَادُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - نَفْيُ الْقَبُولِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُرَادُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] (الْمَائِدَةِ: 27) . وَلِهَذَا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَشْتَدُّ مِنْهَا خَوْفُ السَّلَفِ عَلَى نُفُوسِهِمْ، فَخَافُوا أَنْ لَا يَكُونُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ.
وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَعْنَى " الْمُتَّقِينَ " فِيهَا، فَقَالَ: يَتَّقِي الْأَشْيَاءَ، فَلَا يَقَعُ فِيمَا لَا يَحِلُّ لَهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النِّبَاجِيُّ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: خَمْسُ خِصَالٍ بِهَا تَمَامُ الْعَمَلِ: