وَخَرَّجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْهِجْرَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِي صِحَّتِهِ عَنْ سُفْيَانَ نَظَرٌ، فَإِنَّ رُوَاةَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِنَّمَا صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، وَبَعْضُهُمْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ. ثُمَّ قَوْلُهُ «عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ هَذَا الْقَوْلِ مَأْمُورًا بِالْقِتَالِ، وَيَقْتُلُ مَنْ أَبَى الْإِسْلَامَ، وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْبَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ جَاءَهُ يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ الشَّهَادَتَيْنِ فَقَطْ، وَيَعْصِمُ دَمَهُ بِذَلِكَ، وَيَجْعَلُهُ مُسْلِمًا، فَقَدْ «أَنْكَرَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَتْلَهُ لِمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَمَّا رَفَعَ عَلَيْهِ السَّيْفَ، وَاشْتَدَّ نَكِيرُهُ عَلَيْهِ» . وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَرِطُ عَلَى مَنْ جَاءَهُ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ أَنْ يَلْتَزِمَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ، بَلْ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَبِلَ مِنْ قَوْمٍ الْإِسْلَامَ، وَاشْتَرَطُوا أَنْ لَا يُزَكُّوا، فَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «اشْتَرَطَتْ ثَقِيفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا جِهَادَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ» . وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ «عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ عَلَى أَنْ لَا يُصَلِّي إِلَّا صَلَاتَيْنِ، فَقَبِلَ مِنْهُ» .