وَكَذَلِكَ رَدُّ الْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ مِنْ زَلَّاتِ الْعُلَمَاءِ، وَبَيَانُ دَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى رَدِّهَا، وَمِنْ ذَلِكَ بَيَانُ مَا صَحَّ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ بِتَبْيِينِ حَالِ رُوَاتِهِ وَمَنْ تُقْبَلُ رِوَايَاتُهُ مِنْهُمْ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ، وَبَيَانُ غَلَطِ مَنْ غَلَطَ مِنْ ثِقَاتِهِمُ الَّذِينَ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ. وَمِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ النُّصْحِ أَنْ يَنْصَحَ لِمَنِ اسْتَشَارَهُ فِي أَمْرِهِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَنْصَحْ لَهُ» وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ: «إِنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْصَحَ لَهُ إِذَا غَابَ» وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ إِذَا ذُكِرَ فِي غَيْبِهِ بِالسُّوءِ أَنْ يَنْصُرَهُ، وَيَرُدَّ عَنْهُ، وَإِذَا رَأَى مَنْ يُرِيدُ أَذَاهُ فِي غَيْبِهِ، كَفَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ النُّصْحَ فِي الْغَيْبِ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ النُّصْحِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ النُّصْحُ فِي حُضُورِهِ تَمَلُّقًا، وَيَغُشُّهُ فِي غَيْبِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ حَقَّ نَصِيحَتِكَ لِأَخِيكَ حَتَّى تَأْمُرَهُ بِمَا تَعْجِزُ عَنْهُ. قَالَ الْحَسَنُ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ شِئْتُمْ لَأُقْسِمَنَّ لَكُمْ بِاللَّهِ إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ الَّذِينَ يُحَبِّبُونَ اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ وَيُحَبِّبُونَ عِبَادَ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ بِالنَّصِيحَةِ. وَقَالَ فَرْقَدٌ السَّبْخِيُّ، قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: الْمُحِبُّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمِيرٌ مُؤَمَّرٌ عَلَى الْأُمَرَاءِ، زُمْرَتُهُ أَوَّلُ الزُّمَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَجْلِسُهُ أَقْرَبُ الْمَجَالِسِ فِيمَا هُنَاكَ وَالْمَحَبَّةُ فِيمَا هُنَاكَ وَالْمَحَبَّةُ مُنْتَهَى الْقُرْبَةِ وَالِاجْتِهَادِ، وَلَنْ يَسْأَمَ الْمُحِبُّونَ مِنْ طُولِ اجْتِهَادِهِمْ