فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ» مَعْنَاهُ: أَنَّ الْحَلَالَ الْمَحْضَ بَيِّنٌ لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْحَرَامُ الْمَحْضُ، وَلَكِنْ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أُمُورٌ تَشْتَبِهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، هَلْ هِيَ مِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ؟ وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، فَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَيَعْلَمُونَ مِنْ أَيِّ الْقِسْمَيْنِ هِيَ. فَأَمَّا الْحَلَالُ الْمَحْضُ: فَمِثْلُ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الزُّرُوعِ، وَالثِّمَارِ وَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَشُرْبِ الْأَشْرِبَةِ الطَّيِّبَةِ، وَلِبَاسِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، أَوِ الصُّوفِ أَوِ الشَّعْرِ، وَكَالنِّكَاحِ، وَالتَّسَرِّي وَغَيْرِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ اكْتِسَابُهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ كَالْبَيْعِ، أَوْ بِمِيرَاثٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ غَنِيمَةٍ. وَالْحَرَامُ الْمَحْضُ: مِثْلُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ، وَلِبَاسِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ، وَمِثْلُ الْأَكْسَابِ الْمُحَرَّمَةِ كَالرِّبَا وَالْمَيْسِرِ وَثَمَنِ مَالَا يَحِلُّ بَيْعُهُ، وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ الْمَغْصُوبَةِ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ تَدْلِيسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمُشْتَبِهُ: فَمِثْلُ بَعْضِ مَا اخْتُلِفَ فِي حَلِّهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ، إِمَّا مِنَ الْأَعْيَانِ كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَالضَّبِّ، وَشُرْبِ مَا اخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ مِنَ الْأَنْبِذَةِ الَّتِي يُسْكِرُ كَثِيرُهَا، وَلُبْسِ مَا اخْتُلِفَ فِي إِبَاحَةِ لُبْسِهِ مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَنَحْوِهَا، وَإِمَّا مِنَ الْمَكَاسِبِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَمَسَائِلِ الْعِينَةِ وَالتَّوَرُّقِ وَنَحْوِ