هَبَطُوا السُّوقَ» ، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَرْدُودٍ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَى بَعْضِ مَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ، فَلَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ جَوَابًا. وَأَمَّا بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي، فَمَنْ صَحَّحَهُ، جَعَلَهُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَمَنْ أَبْطَلَهُ جَعَلَ الْحَقَّ فِيهِ لِأَهْلِ الْبَلَدِ كُلِّهِمْ، وَهُمْ غَيْرُ مُنْحَصِرِينَ، فَلَا يُتَصَوَّرُ إِسْقَاطُ حُقُوقِهِمْ، فَصَارَ كَحَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَمِنْهَا: لَوْ بَاعَ رَقِيقًا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ كَالْأُمِّ وَوَلَدِهَا، فَهَلْ يَقَعُ بَاطِلًا مَرْدُودًا، أَمْ يَقِفُ عَلَى رِضَاهُمْ بِذَلِكَ؟ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِرَدِّ هَذَا الْبَيْعِ. وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ رَضُوا بِذَلِكَ، وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إِلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمْ بِرِضَاهُمْ: مِنْهُمُ النَّخَعِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ، فَعَلَى هَذَا يَتَوَجَّهُ أَنْ يَصِحَّ وَيَقِفُ عَلَى الرِّضَا. وَمِنْهَا لَوْ خَصَّ بَعْضَ أَوْلَادِهِ بِالْعَطِيَّةِ دُونَ بَعْضٍ، فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «أَمَرَ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ لَمَّا خَصَّ وَلَدَهُ النُّعْمَانَ بِالْعَطِيَّةِ أَنْ يَرُدَّهُ» ، وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلِ الْمِلْكُ بِذَلِكَ إِلَى الْوَلَدِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْعَطِيَّةَ تَصِحُّ وَتَقَعُ مُرَاعَاةً، فَإِنْ سَوَّى بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْعَطِيَّةِ، أَوِ اسْتَرَدَّ مَا أَعْطَى الْوَلَدَ، جَازَ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ مِيرَاثٌ وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ، وَأَنَّ الْعَطِيَّةَ