وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ تَقْتَرِنُ بِهَذِهِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ يُخْلَقُ مَعَ الْجَنِينِ مَا تَضَمَّنَتْ مِنْ صِفَاتِهِ الْقَائِمَةِ، فَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَالَ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ، بَعَثَ مَلَكًا، فَدَخَلَ الرَّحِمَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، مَاذَا؟ فَيَقُولُ: غُلَامٌ أَوْ جَارِيَةٌ أَوْ مَا شَاءَ أَنْ يَخْلُقَ فِي الرَّحِمِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا أَجَلُهُ؟ فَيَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا خَلْقُهُ؟ مَا خَلَائِقُهُ؟ فَيَقُولُ: كَذَا كَذَا، فَمَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَهُوَ يُخْلَقُ مَعَهُ فِي الرَّحِمِ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ " الْقَدَرِ " وَالْبَزَّارُ فِي " مُسْنَدِهِ ". وَبِكُلِّ حَالٍ، فَهَذِهِ الْكِتَابَةُ الَّتِي تُكْتَبُ لِلْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ غَيْرُ كِتَابَةِ الْمَقَادِيرِ السَّابِقَةِ لِخَلْقِ الْخَلَائِقِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] (الْحَدِيدِ: 22) ، كَمَا فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.» وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، فَجَرْى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.» وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ مَا رُوِيَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْمَلَكَ إِذَا سَأَلَ عَنْ حَالِ النُّطْفَةِ، أُمِرَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْكِتَابِ السَّابِقِ، وَيُقَالُ لَهُ: إِنَّكَ تَجِدُ فِيهِ قِصَّةَ هَذِهِ النُّطْفَةِ، وَقَدْ تَكَاثَرَتِ النُّصُوصُ بِذِكْرِ الْكِتَابِ السَّابِقِ، بِالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ،