مِنْ أَمْرِهِ، ثُمَّ تُدْفَعُ إِلَى الْمَلَكِ عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَسَقْطٌ أَمْ تَمَامٌ؟ فَيُبَيِّنُ لَهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَاقِصُ الْأَجَلِ أَمْ تَامُّ الْأَجَلِ؟ فَيُبَيِّنُ لَهُ، وَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَوَاحِدٌ أَمْ تَوْءَمٌ؟ فَيُبَيِّنُ لَهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيُبَيِّنُ لَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيُبَيِّنُ لَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ اقْطَعْ لَهُ رِزْقَهُ، فَيَقْطَعُ لَهُ رِزْقَهُ مَعَ أَجَلِهِ، فَيَهْبِطُ بِهِمَا جَمِيعًا. فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنَالُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُسِمَ لَهُ. وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: إِنَّ الْمَنِيَّ يَمْكُثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَيَأْتِيهِ مَلَكُ النُّفُوسِ، فَيَعْرُجُ بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا هُوَ قَاضٍ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيَكْتُبُ مَا هُوَ لَاقٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَلَا أَبُو ذَرٍّ مِنْ فَاتِحَةِ سُورَةِ التَّغَابُنِ إِلَى قَوْلِهِ {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [التغابن: 3] (التَّغَابُنِ: 3) . وَهَذَا كُلُّهُ يُوَافِقُ مَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ كِتَابَةَ الْمَلَكِ تَكُونُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَأَنَّ إِسْنَادَهُ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ، وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَأَثْبَتَ الْكِتَابَةَ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ يُقَالُ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّ إِحْدَاهُمَا فِي السَّمَاءِ وَالْأُخْرَى فِي بَطْنِ الْأُمِّ، وَالْأَظْهَرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَجِنَّةِ، فَبَعْضُهُمْ يُكْتَبُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى، وَبَعْضُهُمْ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ