وَأَفْضَلُ مَا فُعِلَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ مِنَ الذِّكْرِ: صَلَاةُ الْفَجْرِ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ، وَهُمَا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ. وَقَدْ قِيلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: إِنَّهَا الصَّلَاةُ الْوُسْطَى وَهُمَا الْبَرْدَانِ اللَّذَانِ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِمَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَيَلِيهِمَا مِنْ أَوْقَاتِ الذِّكْرِ اللَّيْلُ. وَلِهَذَا يُذْكَرُ بَعْدَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ تَسْبِيحُ اللَّيْلِ وَصَلَاتُهُ. وَالذِّكْرُ الْمُطْلَقُ يَدْخُلُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَتَعَلُّمُهُ، وَتَعْلِيمُهُ، وَالْعِلْمُ النَّافِعُ، كَمَا يَدْخُلُ فِيهِ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ رَجَّحَ التِّلَاوَةَ عَلَى التَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَ هَدْيُهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ، فَإِنْ قَرَأَ فَحَسَنٌ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الذِّكْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنَ التِّلَاوَةِ، وَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ فِي التَّسْبِيحِ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَاتِ مِائَةَ مَرَّةٍ: إِنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ التِّلَاوَةِ حِينَئِذٍ. وَالْأَذْكَارُ وَالْأَدْعِيَةُ الْمَأْثُورَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.

وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا إِحْيَاءُ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّهُ نَزَلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] [السَّجْدَةِ: 16] . وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ - وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ - حَتَّى يَفْعَلَ هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي أَفْضَلِ وَقْتِهَا، وَهُوَ آخِرُهُ، وَيَشْتَغِلُ مُنْتَظِرُ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي هَذَا الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مِنَ اللَّيْلِ بِالصَّلَاةِ، أَوْ بِالذِّكْرِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ، وَصَلَّى بَعْدَهَا مَا يَتْبَعُهَا مِنْ سُنَنِهَا الرَّاتِبَةِ، أَوْ أَوْتَرَ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُوتِرَ قَبْلَ النَّوْمِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015