لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ الْإِيمَانَ، وَلَا الصَّلَاةَ، وَلَا الزَّكَاةَ، فَمَنْ فَعَلَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَ ثُمَّ تَيَسَّرَ لَهُ الْحَجُّ، فَلَمْ يَحُجَّ، وَلَمْ يُوصِ بِحَجَّةٍ، وَلَمْ يَحُجَّ عَنْهُ بَعْضُ أَهْلِهِ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ الْأَرْبَعَ الَّتِي قَبْلَهَا» ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَقَالَ سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ عَطَاءٍ الْخُرَسَانِيِّ. قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَفْسِيرِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءُ مِنْ أَجِلَّاءِ عُلَمَاءِ الشَّامِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ لَمْ يُزَكِّ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، وَنَفْيُ الْقَبُولِ هُنَا لَا يُرَادُ بِهِ نَفْيُ الصِّحَّةِ، وَلَا وُجُوبُ الْإِعَادَةِ بِتَرْكِهِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِذَلِكَ انْتِفَاءُ الرِّضَا بِهِ، وَمَدْحُ عَامِلِهِ، وَالثَّنَاءُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَالْمُبَاهَاةُ بِهِ لِلْمَلَائِكَةِ. فَمَنْ قَامَ بِهَذِهِ الْأَرْكَانِ عَلَى وَجْهِهَا، حَصَلَ لَهُ الْقَبُولُ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَمَنْ قَامَ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعَاقَبُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْهَا عُقُوبَةَ تَارِكِهِ، بَلْ تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ، وَقَدْ يُثَابُ عَلَيْهِ أَيْضًا. وَمِنْ هَاهُنَا يُعْلَمُ أَنَّ ارْتِكَابَ بَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي يَنْقُصُ بِهَا الْإِيمَانُ تَكُونُ مَانِعَةً مِنْ قَبُولِ بَعْضِ الطَّاعَاتِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَعْضِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا» وَقَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» وَقَالَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ.»