ولغيرهما مَوْجُود فِي كل محبَّة يبغضها الله كمحبة الأنداد والشركاء من دونه قَالَ تَعَالَى وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله وَقَالَ تَعَالَى وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل بكفرهم وكمحبة أهل الشَّهَوَات لجنس الْفَوَاحِش ومحبة أهل الظُّلم والقائلين على الله مَا لَا يعلمُونَ فَإِن الْمحبَّة توجب تعاون المتحابين واتفاقهما فَلَا بُد أَن يبغضا ويعاديا من يبغض ذَلِك مِنْهُمَا ويخالفهم فِيهِ
وَمَعْلُوم أَن كل مُؤمن فَإِنَّهُ يبغض مَا يبغضه الله وَيُحب مَا يُحِبهُ الله فَلَا بُد أَن يكون التحاب الَّذِي يبغضه الله مُوجبا لنَوْع بغض الْمُؤمنِينَ بِحَسبِهِ
تَقْسِيم الْعلم إِلَى فعلي وانفعالي
قد كتبت فِي غير هَذَا الْموضع أَن النَّاس وَإِن تنازعوا فِي الْعلم هَل هُوَ صفة إنفعالية تَابِعَة للمعلوم كَمَا قد يُطلقهُ كثير من أهل الْكَلَام أَو هُوَ صفة فعلية مُؤثرَة فِي الْمَعْلُوم كَمَا يَقُوله طوائف من المتفلسفة
فَإِن الصَّوَاب أَنه يَنْقَسِم إِلَى النَّوْعَيْنِ جَمِيعًا فَمِنْهُ مَا هُوَ تَابع للمعلوم غير مُؤثر فِيهِ بِحَال وَهُوَ الْعلم النظري القولي الخبري الْمَحْض كعلمنا بِمَا لَا تَأْثِير لنا فِي وجوده كَالْعلمِ بالخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَلَائِكَته وَكتبه وأنبيائه وَسَائِر مخلوقاته
وَمِنْه مَا هُوَ فعلي لَهُ تَأْثِير فِي الْمَعْلُوم كعلمنا بأفعالنا الاختيارية وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من حُصُول مَنْفَعَة وَدفع مضرَّة