بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَبِه نستعين
اعْلَم أَن سُورَة هَل أَتَى على الْإِنْسَان سُورَة عَجِيبَة الشَّأْن من سور الْقُرْآن على اختصارها [الْآيَتَانِ: 1، 2]
فَإِن الله سُبْحَانَهُ ابتدأها بِذكر كَيْفيَّة خلق الْإِنْسَان من النُّطْفَة ذَات الأمشاج والأخلاط الَّتِي لم يزل بقدرته ولطفه وحكمته يصرفهُ عَلَيْهَا أطوارا وينقله من حَال إِلَى حَال إِلَى أَن تمت خلقته وكملت صورته فَأخْرجهُ إنْسَانا سويا سميعا بَصيرًا ثمَّ لما تَكَامل تَمْيِيزه وإدراكه هداه طريقي الْخَيْر وَالشَّر وَالْهدى والضلال
وَأَنه بعد هَذِه الْهِدَايَة إِمَّا أَن يشْكر ربه وَإِمَّا أَن يكفره ثمَّ ذكر مآل أهل الشُّكْر وَالْكفْر وَمَا أعد لهَؤُلَاء وَهَؤُلَاء وَبَدَأَ أَولا بِذكر عَاقِبَة أهل الْكفْر ثمَّ عَاقِبَة أهل الشُّكْر وَفِي آخر السُّورَة ذكر أَولا أهل الرَّحْمَة ثمَّ أهل الْعَذَاب فَبَدَأَ السُّورَة بِأول أَحْوَال الْإِنْسَان وَهِي النُّطْفَة وختمها بآخر أَحْوَاله وَهِي كَونه من