قَاعِدَة
فِي معنى كَون الرب عادلا وَفِي تنزهه عَن الظُّلم
وَفِي إِثْبَات عدله وإحسانه
تأليف شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدَّين ابْن تَيْمِية مِمَّا أَلفه فِي محبسه الْأَخير بالقلعة بِدِمَشْق قدس الله روحه
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين
الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله أجميعن وَسلم تَسْلِيمًا
اتّفق الْمُسلمُونَ وَسَائِر أهل الْملَل على أَن الله تَعَالَى عدل قَائِم بِالْقِسْطِ لَا يظلم شَيْئا بل هُوَ منزه عَن الظُّلم
ثمَّ لما خَاضُوا فِي الْقدر تنازعوا فِي معنى كَونه عدلا فِي الظُّلم الَّذِي هُوَ منزه عَنهُ
فَقَالَت طَائِفَة الظُّلم لَيْسَ بممكن الْوُجُود بل كل مُمكن إِذا قدر وجوده مِنْهُ فَإِنَّهُ عدل وَالظُّلم هُوَ الْمُمْتَنع مثل الْجمع بَين الضدين وَكَون الشَّيْء مَوْجُودا مَعْدُوما فَإِن الظُّلم إِمَّا التَّصَرُّف فِي ملك الْغَيْر وكل مَا سواهُ ملكه وَإِمَّا مُخَالفَة الْآمِر الَّذِي تجب طَاعَته وَلَيْسَ فَوق الله تَعَالَى آمُر تجب عَلَيْهِ طَاعَته
وَهَؤُلَاء يَقُولُونَ مهما تصور وجوده وَقدر وجوده فَهُوَ عدل وَإِذا قَالُوا كل نعْمَة مِنْهُ فضل وكل نقمة مِنْهُ عدل فَهَذَا أَمر أوهم