واعلمْ أنَّ "أَن" الناصبةَ للمضارع، لا تُستعملُ إلاّ في مقام الرجاء والطَّمعِ في حصولما بعدها، فجاز أن تقعَ بعد الظنّ وشِبهه، وبعد ما لا يدل على يقين أو ظن، وامتنع وقوُعها بعد أفعالِ اليقين والعلم الجازم، لأن هذه الأفعالَ إنما تتعلقُ بالمحقَّق، لا يناسبُها ما يدلُّ على غير محقَّق، وإنما يناسبُها التوكيدُ، فلِذا وجب أن تكون "أن" الواقعةُ مُخفِّفة من المُشدَّدة المفيدةِ للتوكيد.

(2) لنْ، وهي حرفُ نفيٍ ونصبٍ واستقبال، فهي في نفي المستقبل كالسين وسوفَ في إثباته. وهي تفيدُ تأكيدَ النفي لا تأييدَهُ وأما قولهُ تعالى لَنْ يَخلُقوا ذُباباً، فمفهوم التأييدِ ليس من "لن"، وإنما هو من دلالة خارجيّة، لأنَّ الخلقَ خاص بالله وحدَهُ.

(وهي على الصحيح، مركبة من "لا" النافية و"أَنْ" المصدرية الناصبة للمضارع وصلت همزتها تخفيفاً وحذفت خطاً تبعاً لحذفها. وقد صارتا كلمة واحدة لنفي الفعل في الاستقبال) .

(إذَنْ، وهي حرفُ جوابٍ وجزاءٍ ونصبٍ واستقبالٍ، تقولُ "إِذَنْ تُفلِحَ"، جواباً لمن قال "سأجتهدُ". وقد سميتْ حرفَ جوابٍ لأنها تقعُ في كلام يكون جواباً لكلام سابقٍ. وسميت حرفَ جزاء، لأن الكلام الداخلة عليه يكون جزاءً لمضمون الكلام السابق. وقد تكون للجواب المحض الذي لا جزاءَ فيه، كأن تقولَ لشخصٍ "إني أحبك"، فيقول "إذنْ أَظنك صادقاً"، فظنكَ الصدقَ فيه ليس فيه معنى الجزاء لقوله "إني أحبكَ".

وأصلها، عند التحقيق، إما "إذا" الشرطية الظرفية، حذف شرطها وعوض عنه بتنوين العوض، فجرت مجرى الحروف بعد ذلك ونصبوا بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015