هذا ما يراه الجمهور الأعظم من النحاة في اجتماع همزة الاستفهام وهمزة "أل". وفي كتاب (الكتّاب) لابن درستويه ما يدل على أنه لا فرق بين همزة "أل" وغيرها من همزات الوصل وعلى أنها تجري هذا المجرى، وإن كانت مفتوحة، لأنها أكثر استعمالا من سائر ألفاظ الوصل وما قاله هو القياس. وأما التباس الإخبار بالاستخبار، فقرينة الكلام تعين المراد. ولا يكون هذا الاختلاط إلا في بعض المواضع. فليكن المنع حيث لم يؤمن اللبس.

على أنهم لم يجروا على القياس، حذر الالتباس، فكان عليهم أن لا يجيزوا حذف الاستفهام من الكلام، وقد أجازوها اعتماداً على قرينة لفظية، مثل "ما أدري في ليل رحل القوم، أَم في نهار؟ أي أَفي ليل؟ وكقول عمر ابن أبي ربيعة [من الطويل]

بدا ليَ مِعصم حين جمَّرت ... وكفٌ خضيبٌ زُينت ببنان

فوالله ما أدري وإن كنت داريا ... بسبع رمين الجمر أَم بثمان؟

أَي أبسبع؟ والقرينة اللفظية هنا هي "أم"، التي تكون بعد همزة الاستفهام في السؤال عن أَحد الشيئين. وقد يكون الحذف اعتماداً على قرينة معنوية، يعتمد فيها على فطنة السامع كقول الكميت [من الطويل]

طربت، وما شوقاً إلى البيض أطرب ... ولا لعباً مني، وذو الشوق يلعب

أي "أو ذو الشوق يلعب؟ " ومنه قول المتنبي: [من البسيط]

أحيا؟ وأيسر ما قاسيت ما قتلا ... والبين جار على ضعفي، وما عدلا

أراد "أَأَحيا؟ ". وفي الحديث "وإن زنى؟ وإن سرق؟ "، أي "أو إن زنى أو إن سرق؟ " وفي شرح المغني للدماميني نقلا عن الجني الداني لابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015