جامع التحصيل (صفحة 33)

الأمر الثامن إن مراسيل صغار التابعين كالزهري وابي حازم سلمة ابن دينار ونحوهما غير مقبوله عند الشافعي كما صرح به آخر كلامه وإن كان متأولا بالنسبة إلى بحثه عنهم كما تقدم فقد تناول كلامه الأول أيضا للجمع بين الكلامين بأن يحمل من يقبل مرسله من كبار التابعين على أن من عرف منهم بالرواية عن الضعفاء إذا بين من أرسل عنه فإنه لا يعتبر بمرسله وذلك لأن كبار التابعين لم يقصروا رواياتهم عن الصحابة ولا بد بل روى خلق منهم عن أقرانهم من التابعين ويكون مراد الشافعي بكلامه الأخير المنع من قبول مراسيل صغار التابعين مطلقا وكل من الأمرين اللذين جمعنا بهما بين كلامه الأول والأخير محتمل وقد تقدم النقل عن الإمام الشافعي رحمه الله بقبول مراسيل سعيد بن المسيب وبعض أصحابنا عزا ذلك إلى القديم وليس كما ذكر

لما رواه ابن أبي حاتم بالإسناد الصحيح إليه من رواية يونس بن عبد الأعلى عنه ويونس إنما صحبه بمصر وقد قال في مختصر المزني إرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن وقد تأول الخطيب وغيره من أصحابنا ذلك على أنه أراد إذا اعتضدت بشيء مما ذكره من هذه الوجوه لا أنها تقبل بانفرادها لأنه وجد لسعيد بن المسيب عدة مراسيل لم تعرف مسنده ولم يقل بها الشافعي وكذلك قال البيهقي أيضا في بعض كتبه واختاره النووي أيضا وفي كل ذلك نظر لما تقدم من قول الإمام الشافعي رحمه الله وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع سعيدبن المسيب فإن هذا ظاهر في استثنائه مراسيله من بين جميع المراسيل وانها تقبل بمجردها ويعتضد ذلك بنصه الذي نقله المزني عنه في المختصر أيضا ولو كان أراد بذلك ما إذا اعتضد بشيء من هذه الوجوه لم يكن الاستثناء به مراسيل سعيد وحده فائدة بل مراسيل غيره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015