(الباب الثاني في ذكر مذاهب العلماء في قبول الحديث المرسل والاحتجاج به أو رده)
ولهم في ذلك مذاهب منتشرة يرجع حاصلها إلى ثلاثة أقوال وهي القبول مطلقا والرد مطلقا والتفصيل
فأما القابلون له المحتجون به فهم مالك وأبو حنيفة وجمهور أصحابهما وأكثر المعتزلة وهو أحد الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله وهؤلاء لهم في قبوله أقوال
أحدها قبول كل مرسل سواء بعد عهده وتأخر زمنه عن عصر التابعين حتى مرسل من في عصرنا إذا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصرح به على هذا الوجه إلا بعض الغلاة من متأخري الحنفية وهذا توسع غير مرضي بل هو باطل مردود بالإجماع في كل عصر على اعتبار الأسانيد والنظر في عدالة الرواة وجرحهم ولو جوز قبول مثل هذا لزالت فائدة الإسناد بالكلية وبطلت خصيصة هذه الأمة وسقط الاستدلال بالسنة على وجهها وظهور فساد هذا القول غني عن الإطالة فيه ولا تفريع عليه
وثانيها قبول مراسيل التابعين واتباعهم مطلقا إلا أن يكون المرسل عرف بلإرسال عن غير الثقات فإنه لا يقبل مرسله وأما بعد العصر الثالث فإن كان المرسل من أئمة النقل قبل مرسله وإلا فلا وهو قول عيسى بن إبان واختيار أبي بكر الرازي والبزدوي وأكثر المتأخرين من الحنفية وقال القاضي عبد الوهاب المالكي هذا هو الظاهر من المذهب عندي