وَمَعْنَاهَا كَحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَفِي اشْتِرَاطِ دَوَامِ الرِّضَا إِلَى حِينِ نُفُوذِ الْحُكْمِ: قَوْلانِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: يُشْتَرَطُ إِلَى أَنْ يَنْشَبَا، فَلَوْ حُكِّمَ فِي غَيْرِ الأَمْوَالِ فَحَكَمَ فَقَتَلَ [أَوِ اقْتَصَّ] أَوْ حَدَّ أَوْ لاعَنَ أُدِّبَ وَمَضَى مَا لَمْ يَكُنْ جَوْراً بَيِّناً، فَلَوْ حَكَّمَا عَبْداً أَوِ امْرَأَةً أَوْ مَسْخُوطاً - فَقَوْلانِ، بِخِلافِ الْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُوَسْوِسِ. فَلَوْ حَكَّمَ خَصْمُهُ - فَثَالِثُهَا: يَمْضِي مَا لَمْ يَكُنِ الْمُحَكِّمُ الْقَاضِيَ وَيَجُوزُ الْعَزْلُ لِمَصْلَحَةٍ، وَالْمَشْهُورُ الْعَدَالَةُ لا يَنْبَغِي أَنْ يُعْزَلَ لِمُجَرَّدِ الشَّكِيَّةِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: أَحَبُّ إِلَيَّ (1) أَنْ يُعْزَلَ إِنْ وُجِدَ بَدَلُهُ وَقَدْ عَزَلَ عُمَرُ سَعْداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ أَعْدَلُ مَنْ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا عَزَلَهُ عَنْ سُخْطٍ فَلْيُظْهِرْهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ فَلْيُبِرَّهُ وَقَدْ عَزَلَ عُمَرُ شُرَحْبِيلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: أَعَنْ سُخْطٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: لا، وَلَكِنْ وَجَدْتُ أَقْوَى مِنْكَ، فَقَالَ: إِنَّ عَزْلَكَ عَيْبٌ فَأَخْبِرِ النَّاسَ بِعُذْرِي فَفَعَلَ.
وَإِذَا مَاتَ الْمُسْتَخْلِفُ لَمْ يَنْعَزِلْ مُسْتَخْلِفُوهُ وَلَوْ كَانَ الْخَلِيفَةُ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْعَزْلِ قَضَيْتُ بِكَذَا أَوْ شَهِدَ بِأَنَّه قَضَى لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمَحْبُوسِينَ وَالأَوْصِيَاءِ وَأَمْوَالِ الأَيْتَامِ وَيَخْتَارَ الْكَاتِبَ وَالْمُزَكِيَّ وَالْمُتَرْجِمَ وَيَتَّخِذَ مَجْلِساً يَصِلُ إِلَيْهِ الضَّعِيفُ وَالْمَرْأَةُ [فِي الْمُدَوَّنَةِ] وَالقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْحَقِّ وَالأَمِرِ الْقَدِيمِ.
وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الْقُضَاةِ لا يَجْلِسُونَ إِلا فِي رِحَابِ الْمَسْجِدِ، فَسُمِّيَتْ رَحْبَةَ الْقُضَاةِ وَإِنِّي لَأَسْتَحِبُّهُ فِي مَسَاجِدِ الأَمْصَارِ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيقٍ لِيَصِلَ إِلَيْهِ الْحَائِضُ وَالذِّمِّيُّ، وَلا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيُعَزِّرُ التَّعْزِيرَ الْيَسِيرَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ نَهَارَهُ كُلَّهُ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكْثِرَ فَيُخْطِئَ وَلا يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ أَيَّامَ النَّحْرِ وَيَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ سَفَرِ الْحَاجِّ وَقُدُومِهِ وَفِي كَثْرَةِ الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ لأَنَّهُ يَضُرُّ بِالنَّاسِ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَبَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ