9471 - (خ م) أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - «أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ركِبَ على حمارٍ عليه إِكاف، تحته قَطيفة فَدَكِيَّة، وأردَفَ أُسامة بن زيد وراءَه، يعود سَعْدَ بن عُبَادَةَ في بني الحارث بن الْخَزْرج، وذلك قبل وَقْعة -[769]- بَدْر، قال: فسار حتى مَرّ بمجلسٍ فيه عبد الله بن أبَيِّ بنُ سَلُول، وذلك قبل أن يُسْلِمَ عبد الله بن أُبَيّ، وإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عَبَدَة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبد الله بن رَواحَة، فلما غَشِيَتِ المجلسَ عَجاجَةُ الدابَّة، خَمَّر عبد الله بن أُبَيّ أنْفَه برِدائه، ثم قال: لا تُغَبِّروا علينا، فسلَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عليهم، ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال له عبد الله بنُ أُبَيّ بن سلول: أيها المرء، إنه لا أحسنَ مما تقول، إن كان حقاً فلا تُؤذِنَا به في مجالِسنَا، وارجِعْ إلى رَحلِكَ، فمن جاءَكَ فاقْصُصْ عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فَاغْشَنَا به في مَجَالِسِنَا، فإنا نُحِبُّ ذلك، فاستَبَّ المسلمون والمشركون واليهود، حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- يُخَفِّضُهم حتى سكَنُوا، ثم ركب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- دابَّته، فسار حتى دخل على سعد بن عُبادة، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: أي سعدُ، ألم تسمعْ إلى ما قال أبو حُباب؟ - يريد عبد الله بن أُبَيّ - قال: كذا وكذا، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله، اعفُ عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أُنزل عليك، ولقد اجتمع أهلُ هذه البُحَيرة على أن يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصِّبُوهُ بالعِصَابَةِ، فلما أبَى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله، شَرِقَ بذلك، فذلك الذي فعَلَ به ما رأيتَ، فعفا عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يعفونَ عن المشركين وأهل -[770]- الكتاب، كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتوا الكتابَ مِنْ قبلكم وَمِنَ الذين أَشْرَكُوا أَذىً كثيراً وإن تَصْبِرُوا وتتقوا فإن ذلك مِنْ عَزْمِ الأُمور} [آل عمران: 186] وقال الله تعالى: {وَدَّ كثير من أهل الكتاب لو يَرُدُّونكم مِنْ بَعْدِ إِيمانكم كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أنفسهم مِنْ بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفَحُوا حتى يأتيَ الله بأمره إن الله على كل شيء قدير} [البقرة: 109] وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- يتأوَّل في العفو ما أمره الله به، حتى أَذِنَ الله له فيهم، فلما غزا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-[بَدْراً] فقَتَلَ الله فيها مَنْ قَتَلَ مِنْ صناديد كفار قريش، وقَفَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- وأَصحابُه منصورين غانمين، معهم أسارَى من صَناديد الكفار وسادَة قريش، قال ابن أُبيّ بنُ سلول ومَنْ مَعَهُ من المشركين عَبَدَةِ الأوثان: هذا أمرٌ قد تَوجَّه، فبايَعوا لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- على الإسلام، فأسلَموا» . أخرجه البخاري، ولمسلم نحوه، وهذا أتم (?) .
-[771]-
S (يتثاورون) ثار البعير: إذا نهض قائماً، وثار القوم للخصام: إذا نهضوا مسرعين لإيقاع الفتنة، وتثاوروا: تفاعلوا منه.
(يخفِّضهم) يقال: خَفِّض عليك القَولَ والأَمر، أي: هَوِّنْ، والمراد: أنه سَكَّنَهم، وسهَّل الأمر عليهم، ليتركوا النِّزاعَ والشِّقاق.
(البُّحَيرة) : تصغير البحرة، وهي البلدة، وأراد بها مدينة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-.
(شَرِقَ) شَبَّه ما أصابه من فوات الرياسة بالشَّرَق وهو الغَصَص، يقال: شَرِقَ يَشْرَق شَرَقاً: إذا غَصَّ بالماء وغيره.
(الصناديد) : الأشراف وأكابر الناس، وقيل: السادة الشجعان، واحدهم صنديد.