جامع الاصول (صفحة 8747)

8520 - (م د ت) عبد الله بن سخبرة (?) قال: قام رجل يثني على بعض الخلفاء، فجعل المقدادُ رضي الله عنه يَحثي عليه التراب، فقال له: ما شأنُك؟ فقال: «أمَرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أن نَحْثُوَ في وُجوهِ المدَّاحين الترابَ» . -[53]-

وفي رواية هَمَّام بن الحارث عن المقداد «أنَّ رجلاً جعل يمدح عثمان، فَعَمَدَ المقدادُ، فجثا على ركبتيه - وكان رجلاً ضخْماً - وجعل يحثو في وجهه الحَصْباء، فقال عثمانُ: ما شأنُك؟ فقال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: إذا رأيتُم المدَّاحينَ، فاحثوا في وُجوههمُ الترابَ» أخرجه مسلم، وأخرج الترمذي الأولى.

وفي رواية أبي داود قال همام: «قام رجل، فأثنى على عثمان في وجهه، فأخذ المقدادُ بنُ الأسود تراباً فحثا في وجهه، وقال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: إذا لِقيتم المدَّاحِينَ فاحثوا في وجوههم الترابَ» (?) .

S (المدَّاحون) هم الذين اتخذوا مدح الناس عادةً، وجعلوه بضاعة يتأكَّلون به من الممدوح، فأما من مدح على الفعل الحسن والأمر المحمود، ترغيباً في أمثاله، وتحريضاً للناس على الاقتداء به في أشباهه، فليس بمدَّاح، وإن كان قد صار مادحاً بما تكلم به من جميل القول، وقد استعمل المقداد الحديث على ظاهره في تناول التراب بيده، وحَثيه في وجه المادح، وقد يتؤوَّل أيضاً على وجه آخر، وهو أن يكون معناه: الخيبة والحرمان، -[54]- أي: من تعرَّض لكم بالثناء والمدح فلا تعطوه واحرموه، فكنى بالتراب عن الحرمان، كقولهم: ما لَه غير التراب، وما في يده غير التراب، وكقوله - صلى الله عليه وسلم-: «إذا جاءك من يطلب ثمن الكلب، فاملأْ كَفَّه تراباً» وكقوله: «وللعاهر الحجر» ومثله في الكلام كثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015