جامع الاصول (صفحة 7824)

الفصل الثامن: في مُحَاجَّة آدم وموسى

7598 - (خ م ط د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- قال: «حاجَّ آدمُ مُوسى، فقال: أنتَ الذي أخرجتَ الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال: فقال آدمُ لموسى: أنتَ الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه أتَلُوُمني على أمْرِ كَتَبهُ الله عليَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَني؟ أو قدَّرَهُ عَلَيَّ قبل أن يَخْلُقَني؟ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: فحجَّ آدم موسى» .

وفي رواية قال: «احتجَّ آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم، أنتَ أبونا خَيَّبْتَنا وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم: أنتَ موسى اصطفاكَ الله بكلامه، وخَطَّ لك بيده، أتَلُوُمني على أمر قَدَّرَهُ الله عَليَّ قبل أن يخلقني بأربعين عاماً؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: فَحَجَّ آدمُ موسى، [فَحجَّ آدم موسى] » .

وفي أخرى قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «احتَجَّ آدمُ وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أخْرَجَتْك خطيئتكَ من الجنة؟» . وفي رواية: «أخْرجْتَنا وذريتك من الجنة، قال: أنت موسى؟ أليس الله اصطفاك برسالاته وبكلامه، ثم تلومني على أمر قد قُدِّرَ عَليَّ قَبلَ أن أخلَقَ؟» . -[125]-

وفي أخرى «قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: التقى آدمُ وموسى، قال موسى: أنت الذي أشقيتَ الناس، وأخرجتَهم من الجنة؟ قال آدم: أنتَ الذي اصطفاك الله برسالاته واصطنعك لنفسه، وأنزل عليك التوراة؟ قال: نعم، قال: فوجدتها، كتب عَليَّ قبل أن يخلقني؟ قال: نعم، فحجَّ آدم موسى» أخرجه البخاري ومسلم.

ولمسلم: «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال: تحاجَّ آدَمُ وموسى، فقال له موسى: أنتَ آدمُ الذي أغْوَيتَ الناس، وأخرجتهم من الجنة؟ فقال آدم: أنتَ الذي أعطاه الله علم كل شيء، واصطفاه برسالاته؟ قال: نعم، قال: فَتَلُومُني على أمر قدِّرَ عليَّ قبل أن أُخلَق؟» .

وفي أخرى له قال: «احتجَّ آدم وموسى عند ربهما، فحجَّ آدم موسى، قال موسى: أنتَ آدمُ الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته وأسكنك في جَنَّتِهِ، ثم أهْبَطْتَ الناس بخطيئتك إلى الأرض؟ قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تِبْيَانُ كُلِّ شيء، وقَرَّبَكَ نَجيا؟ فَبِكمْ وجَدْت الله كتب التوارة قبل أن أُخلَقْ؟ قال موسى: بأربعين عاماً، قال آدم: فهل وجَدْت فيها {وعصى آدمُ ربَّه فَغَوَى} [طه: 121] ؟ قال: نعم، قال: أفتلُومُني على أن عَمِلتُ عملاً كتَبَه الله عليَّ أنْ أعمله قبل أن يَخْلُقني بأربعين سنة؟ [قال رسولُ الله -[126]- صلى الله عليه وسلم-: فحجَّ آدمُ موسى عليهما السلام] » .

وأخرج الموطأ رواية مسلم الأولى.

وأخرجه أبو داود الرواية الثانية من المتفق عليه.

وفي رواية الترمذي قال: «احتجَّ آدمُ وموسى، فقال: موسى: يا آدم أنت الذي خَلقكَ الله بيده، ونَفَخَ فيك من رُوِحه، أغْوَيت الناسَ وأخرجتهم من الجنة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه أتلومني على عمل عملتُه كتبه الله عليَّ قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: فحجَّ آدم موسى» (?) .

S (المحاجة) : المجادلة والمخاصمة، حاججت فلاناً فحججته، أي: جادلتُه فغلبتُه.

(نجياً) النجيُّ: المناجي، وهو المشاور والمحادث

وقوله: «اصطنعك لنفسه» تمثيل (*) لما أعطاه الله من منزلة التقريب والتكريم، مَثَّل حاله بحال من يراه بعض الملوك - بجوامع خصال فيه وخصائص - أهلاً لئلا يكون أحدٌ -[127]- أقربَ منزلةً منه إليه، ولا ألطف محلاً، فيوليه من الكرامة ويستخلصه لنفسه والاصطناع: افتعال من الصنيعة، وهي، العطية والكرامة والإحسان.

(الإغواء) : الإضلال، غَوَى الرجل يغوي وأغوى غيره.

(تبيان) التبيان: الإيضاح، وكشفُ الشيء ليظهر ويتبين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015