7553 - (خ م ط د س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - من رواية أبي سلمة وعطاء بن يسار، أنهما أتيَا أبا سعيد الخدري، فسألاه عن الحرُورَّية، هل سمعتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يذكرها؟ قال: لا أدريَ مَنِ الحروريةُ؟ ولكني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: «يخرج في هذه الأمَّةِ - ولم يقل: منها - قوم، تَحقِرونَ صَلاتَكُم مع صلاتِهِم، يقرؤون القرآن، لا يجاوِزُ حُلُوقَهم - أو حَناجِرَهُم - يمرُقُونَ من الدِّين مُرُوق السَّهْمِ من الرَّمِيةِ، فينظر الرامي إلى سهمِهِ، إلى نَصْله، إلى رِصَافِهِ، فيتمارَى في الفُوَقة: هل عَلِق بها من الدم شيء؟» .
وفي رواية أبي سَلَمةَ والضَّحَّاك الهَمْداني: أن أبا سعيد الخدري قال: «بينما نحن عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- وهو يَقْسِم قَسْماً، أتاه ذو الخُوَيَصِرة - وهو رجل من بني تَميم - فقال: يا رسولَ الله، اعدِلْ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: ويلَكَ، ومن يَعْدِلُ إذا لم أعْدِلْ؟ - زاد في رواية: قد خِبْتُ وَخسِرْتُ إن لم أعْدِلْ - فقال عمر بن الخطاب: ائذن لي فيه فَأضرِب عنقه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: دَعْهُ، فإن له أصْحَاباً يحقِر أحَدُكم صلاتَه مع صلاتِهِم، وصيامه مع صيامهم» زاد في رواية «يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقُون من الإسلام. وفي رواية: من الدِّين - كما يمرق السهمُ الرَّمِيةِ، ينظر أحدهم -[84]- إلى نصلِه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رِصافِه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نَضِيَّه فلا يوجد فيه شيء - وهو القِدْح - ثم ينظر إلى قُذَذه فلا يوجد فيه شيء، سبقَ الفَرْثَ والدَّم، آيتهُمْ: رجل أسودُ، إحدى عضديه - وفي رواية: إحدى يديه - مثلُ البَضْعة تَدَردَرُ، يخرجون على حين فُرْقةِ من النَّاس» قال أبو سعيد: «فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وأشهد أن علي بن طالب قاتلهم وأنا معه، فأمرَ بذلك الرجلِ، فالتُمِسَ فوِجدَ، فأُتِيَ به حتى نَظَرتُ إليه على نَعتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذي نعتَ» .
قال الحميدي: ألفاظ الرواة عن الزهري متقاربة، إلا فيما بَيَّنَا من الزيادة.
وفي أخرى: قال أبو سعيد: «بعث علي- رضي الله عنه - وهو باليمن إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- بذُهَيْبَة في تُرْبتها، فَقَسَمَها بين أربعة: الأقرعِ بن حابس الحْنظَلي، ثم أحدِ بَني مُجاشِع، وبين عُيَيْنَةَ بن بدر الفزاري، وبين عَلْقمة بن عُلاثَةَ العامري، ثم أحدِ بني كلاب، وبين زيد الخيل الطائي، ثم أحد بني نَبْهان، فتغضَّبتْ قريش والأنصار، فقالوا: يُعطيه صناديدَ أهل نجد ويَدُعنا؟ قال [رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-] : إنما أتألَّفُهم، فأقَبَل رجل غائرُ العينين، ناتئُ الجبين كَثّ اللحية، مشرفُ الوَجنتين، محلوق الرأْس، فقال: يا محمد، اتق الله، فقال: فمن يطيع الله، إذا عَصيْتُه؟ أفيأمنني على أهل الأرض، ولا تأمنوني؟ -[85]- فسأل رجل من القوم قتلَه - أُراه خالد بن الوليد - فمنعه، فلما ولَّى، قال: إن من ضِئضيء هذا قوماً يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرُقون من الإسلام مُروقُ السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويَدَعون أهل الأوثان، لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتل عاد» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم نحوه بزيادة ألفاظ، وفيها «بِذُهَيْبَة في أديم مَقْروظ، لم تُحَصَّل من ترابها - وفيها - والرابع: إما علقمة بن عُلاثة، وإما عامر بن الطفيل - وفيها - ألا تأمنوني وأنا أمين مَنْ في السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساءً - وفيها - فقال: يا رسول الله، اتق الله، فقال: ويلك! أولستُ أحقَّ أهل الأرض أن يتقَي الله؟ قال: ثم ولَّى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله: ألا أضرب عنقه؟ فقال: لا، لعلّه أن يكونَ يصلي، قال خالد: وكم من مصلِّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: إني لم أُومَرْ أن أُنَقِّبَ عن قلوب الناس، ولا أُشقَّ بطونهم، قال: ثم نظر إليه وهو مُقَفٍّ، فقال: إنَّه يخرج من ضِئْضِي هؤلاء قوم يتلون كتاب الله رَطْباً، لا يجاوز حناجرهم، يمرُقون من الدين كما يمرق السَّهم من الرمية، قال: أظنه قال: لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتل ثمود» .
وفي رواية «فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: لا، فقام إليه خالد سيف الله، فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: لا» . -[86]-
وفي رواية البخاري أنه قال: سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: «يخرج فيكم قوم تَحْقِرون صلاتَكم مع صلاتهم، وصيامَكم مع صيامهم، وعملَكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن، لا يجاوز حَناجرهم، يمرُقون من الدِّين كما يمرُق السهم من الرمية، ينظر في النَّصْل فلا يرى شيئاً، وينظر في القِدْح فلا يرى شيئاً، وينظر في الريش فلا يرى شيئاً، ويتمارى في الفُوق» .
وللبخاري طرف منه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال: «يخرج ناس من قِبل المشرق يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرُقون من الدِّين كما يمرُق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فُوقه، قيل: ما سِيماهم؟ قال: سيماهم التحليق - أو قال: التَّسْبيدُ» .
ولمسلم في أخرى «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- ذكر قوماً يكونون في أمته، يخرجون في فُرقة من الناس، سيماهم التحالق، قال: هم شرُّ الخلق - أو من أشَرِّ الخلق - يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق، قال: فَضَرب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لهم مثلاً - أو قال قولاً - الرجل يرمي الرمية - أو قال: الغرض - فينظر في النصل فلا يرى بَصيرة، وينظر في الفُوق فلا يرى بصيرة، قال أبو سعيد: وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق» .
وله في أخرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «تمرُق مارقة عند فرقة من المسلمين، يقتلها أَوْلى الطائفتين بالحق» . -[87]-
وفي أخرى: وذكر فيه «قوماً يخرجون على فُرقة مختلفة، يقتلهم أقرب الطائفتين من الحق» . وأخرج الموطأ الرواية الأولى من أفراد البخاري وقال: «تحقِرون صلاتَكم مع صلاتهم، وصيامَكم مع صيامهم، وأعمالَكم مع أعمالهم» .
وأخرج أبو داود والنسائي الرواية الثالثة التي فيها ذكر «الذهيبة» (?) .
S (قِدْح) القِدْح: السهم قبل أن يعمل فيه الريش والنصل، وقبل أن يُبْرَى.
(الرِّصاف) : العَقبُ الذي يكون فوق مدخل النصل في السهم، واحدها: رَصَفة، بالتحريك.
(التماري) : تفاعل من المرية: الشك، والمراد: الجدال.
(الفُوقة) والفُوق: موضع وقوع الوَتر من السهم.
(النَّضِيُّ) بالضاد المعجمة - بوزن النقيِّ: القِدْحُ أول ما يكون قبل -[88]- أن يعمل، ونَضِيُّ السهم: ما بين الريش والنصل، ونِضْو السهم: قِدْحه، وهو ما جاوز الريش إلى النصل، وقيل: النضي: نَصْل السهم، والمراد به في الحديث: ما بين الريش والنصل.
(الفَرْثُ) : السِّرجين وما يكون في الكَرِش.
(البَضْعة) : القطعة من اللحم.
(تَدَرْدَرُ) التدردر: التحرُّك والترجرج مارّاً أو جائياً.
(الذُّهَبْيَة) : تصغير الذهب، وهو في الأصل مؤنث، والقطعة منه ذهبة، فلمَّا صُغرَ أضاف إليه الهاء، كما يقال في تصغير قوس: قوَيسة، وفي تصغير قدر: قديرة.
(الأديم) : المقروظ المدبوغ بالقَرظ.
(الصناديد) : جمع صنديد، وهو السيد الشريف.
(التألُّف) : الإيناس والتحبب، والمراد: لأحبِّب إليهم الإسلامَ وأزيل نفورهم منه.
(الضِئْضِئ) بالهمز: الأصل، والمراد: يخرج من صُلبه ونَسله.
(أُنَقِّبُ) التنقيب: التفتيش.
(مُقَفٍّ) قفّى الرجلُ الرجلَ يقفِّي، فهو مقفٍّ: إذا أعطاك قفاه وولى. -[89]-
(التسبيد) : حلق الشعر واستئصاله، وقيل: هو ترك التدهن وغسل الرأس.
(التحليق) والتحالق: حلق شعر الرأس، وهو تفاعل منه، كأن بعضهم يحلق بعضاً.
(الغرض) : الهدف.
(البَصِيرة) الدليل والحجة الذي يستدل به، لأن الدليل يوضح المعنى ويُحققِّه، فكأن صاحبه يبصر به، والبصيرة: هو شيء من الدم يستدل به على الرمية.