7010 - (خ م) محمد بن شهاب - رحمه الله - قال: أخبرني محمود بن الربيع: أنه عَقَلَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-، وعَقَلَ مَجَّة مَجَّها في وجهه من بئر كانت في دارهم، وزعم أنه سمع عِتْبان بنَ مالك الأنصاريَّ - وكان ممن شهد بدراً مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- يقول: كنتُ أُصَلِّي لقومي بني سالم، وكان يَحُول بيني وبينهم واد، إذا جاءت الأمطارُ يَشُقُّ عليَّ اجتيازه قِبل مسجدهم، فجئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقلتُ له: إني أنكرتُ بَصَرِي، وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار، فيشق عليَّ اجتيازه، فودِِدْتُ أنك تأتي فتصلِّي في بيتي مكاناً أتَّخِذُهُ مُصلّى، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: -[366]- «سأفْعَلُ» فغدا عليَّ رسولُ الله وأبو بكر، بعدما اشتدَّ النهار، واستأذن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فأذِنْتُ له، فلم يجلس، حتى قال: «أين تحبُّ أن أصلِّيَ من بيتك» ؟ فأشرتُ له إلى المكان الذي أحِبُّ أن يُصَلِّيَ فيه، فقام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فكبَّرَ، وصَفَفْنَا وراءه، فصلَّى ركعتين، ثم سَلَّم وسلَّمْنا حين سَلَّم، فحبَسْتُه على خَزِير يُصنَع له، فسمع أهلُ الدار أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- في بيتي، فثابَ رِجَال منهم، حتى كَثُرَ الرِّجال في البيت، فقال رَجُل: ما فَعَلَ مَالِك؟ لا أُراه! فقال رَجُل منهم: ذلك منافِق، لا يُحِبُّ الله ورسولَه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «لا تَقُلْ ذلك، ألا تراه قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهَ الله عزَّ وجل» ؟ فقال: الله ورسوله أعلم، أمَّا نحن فوالله ما نرى وُدَّه ولا حديثه إلا إلى المنافقين، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «فإن الله قد حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله» .
قال محمود: فحدَّثْتُها قوماً فيهم أبو أيُّوب صاحب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- في غزوته التي تُوفي فيها، ويزيدُ بنُ معاوية عليهم بأرض الرُّوم، فأنكرها عليَّ أبو أيوب، وقال: والله ما أظنُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال ما قلتَ ذلك قَطُّ، فكَبُر ذلك عليَّ، فجعلتُ لله عليَّ إن أسلمني الله حتى أقْفِل من غزوتي: أن أسأل عنها عتبان بنَ مالك، إن وجدتُه حَيّاً في مسجد قومِهِ، ففعلتُ، فأهلَلْتُ بِحَجَّة أو عُمْرَة، ثم سِرْتُ حتى قَدِمْتُ المدينةَ، فأتيتُ بني سالم، فإذا -[367]- عِتبانُ شيخ أعمى يُصلِّي لقومه، فلما سلَّم من الصلاة، سَلَّمْتُ عليه، وأخبرتُه مَنْ أنا، ثم سألتُهُ عن ذلك الحديث؟ فحدَّثنيه كما حدَّثنيه أول مرة.
وفي رواية: قال ابن شهاب: ثم سألتُ الحصينَ بنَ محمد الأنصاريَّ، وهو أحد بني سالم، وهو من سَرَاتهم، عن حديث محمود بن الربيع، فصدَّقه بذلك.
وفي رواية: فقال رجل: أينَ مَالِكُ بنُ الدُّخْشُنِ، أو الدُّخَيْشِن؟ قال الزهري: ثم نزلتْ بعد ذلك فرائضُ وأمور نُرَى أن الأمر انتهى إليها، فمن استطاع أن لا يَغْتَرَّ فلا يَغْتَرَّ. أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: قَدِمْتُ المدينةَ، فلقيتُ عِتْبان بنَ مالك، فقلتُ: حديث بلغني عنكَ، فقال: أصابني في بَصَري بعضُ الشيء، فبعثتُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- أني أحِبُّ أن تأتيَني تصلِّي في منزلي، فأتَّخذُه مُصَلَّى، قال: فأتاني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ومن شاء الله من أصحابه، فدخل، فهو يصلِّي في منزلي، وأصحابه يتحدَّثون بينهم ثم أسندوا عُظْمُ ذلك وكِبْرَه إلى مالكِ بن دُخْشُم، قال: وَدُّوا أنه دعا عليه فهلك، ودُّوا أنه أصابه شَرّ، فقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- صلاتَه، وقال: «أليس يشهد: أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟» قال: إنه يقول ذلك وما هو في قلبه، قال: «لا يشهدُ أحد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فيدخل النار، أو تَطْعَمه» قال أنس: فأعجبني هذا الحديث، فقلت لابني: -[368]- اكْتُبه، فكتبه (?) .
وقد أخرج «الموطأ» والنسائي من هذا الحديث حديث الصلاة في البيت، وهو مذكور في «كتاب الصلاة» من حرف الصاد (?) .
S (مَجَّ) الماء من فيه: إذا رماه إلى الأرض أو غيرها.
(اشتد النهار) : إذا علا وارتفع.
(الخزير) والخزيرة: أن يجعل في القدر لحم مقطع صغاراً على ماء كثير، فإذا نضج ذُرَّ عليه الدقيق، وإن لم يكن فيها لحم، فهي عصيدة.
(ثاب) الناس إلى فلان: إذا رجعوا إليه، والمراد: أنهم اجتمعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-.