6583 - (خ) عِكرمة - مولى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال لِي ابنُ عباس ولابنه عليّ: «انْطَلِقا إلى أبي سعيد، فَاسْمَعا من حديثه، فانطلقنا، فإذا هوفي حائط يُصْلِحُه، فأخذ رِدَاءه فاحْتَبَى، ثم أنْشَأ -[44]- يُحدِّثنا حتى أتى على ذِكْر بناء المسجد، فقال: كُنَّا نَحمل لَبِنَة لَبِنَة، وعمار [يحمل] لَبِنَتَيْن لبنتيْن، فرآه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فجعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- يَنْفُضُ الترابَ عنه ويقول: وَيْحَ عَمّار، يَدْعُوهم إلى الجنة، ويَدْعُونه إلى النَّار، قال: ويقول عمار: أعوذ بالله من الفِتنِ» أخرجه البخاري.
وفي رواية له: أنَّ ابن عباس قال له ولعليّ بن عبد الله: «ائتِيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه، قال: فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما، [فسلّمنا] ، فلما رآنا، جاء فاحْتَبَى وجلس. وقال: كنا نَنْقُل لَبِنَ المسجد لَبِنَة لَبنة، وكان عمار ينقل لبِنتين لبِنتين، فمرَّ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- ومسح عن رأسِه الغُبار، وقال: ويح عمّار، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار، فقال عمار: أعوذ بالله من الفتن» (?) .
قال الحميديُّ: في هذا الحديث زيادة مشهورة، لم يذكرها البخاريُّ أصلاً من طريقَيْ هذا الحديث، ولعلها لم تقع إليه فيهما، أو وقعت فحذفها لغرض قصده في ذلك، وأخرجها أبو بكر البُرْقانيُّ، وأبو بكر الإسماعيلي قبله، وفي هذا الحديث عندهما «أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: وَيْحَ عَمَّار، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار» قال أبو مسعود -[45]- الدمشقي في كتابه: لم يذكر البخاري هذه الزيادة، وهي في حديث عبد العزيز بن المختار، وخالد بن عبد الله الواسطي، ويزيد ابن زريع، ومحبوب بن الحسين، وشعبة، كلهم عن خالد الحذَّاء عن عكرمة، ورواه إسحاق عن عبد الوهاب، هكذا. وأما حديث عبد الوهاب الذي أخرجه البخاري، دون هذه الزيادة، فلم يقع إلينا من غير حديث البخاري، هذا آخر ما قاله أبو مسعود الدمشقي، وهو آخر ما قاله الحميديُّ في كتابه.
قلت أنا: والذي قرأته في كتاب البخاري - من طريق أبي الوقت عبد الأول السِّجْزي - رحمه الله - من النسخة التي قرئت عليه، عليها خَطُّه: أمَّا في متن الكتاب، فبحذف الزيادة، وقد كتب في الهامش هذه الزيادة، وصحح عليها وجعلها في جملة الحديث، وأنها من رواية أبي الوقت هكذا، بإضافتها إلى الحديث، وذلك في موضعين من الكتاب، أولهما: في «باب التعاون في بناء المسجد» من «كتاب الصلاة» والثاني: فى «باب مسح الغبار عن الناس في السبيل» في «كتاب الجهاد» وما عدا هذه النسخة، فلم أجد الزيادة فيها، كما قاله الحميدي ومن قبله، والله أعلم.
S (الاحتباء) : أن يجمع الرجل بين ركبتيه وظهره بحبل أو نحوه، وهي الحُِبْوة بالضم والكسر، وقد يكون الاحتباء باليدين.