6533 - (م ت) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: «أُنزلت فيَّ أربعُ آيات من القرآن، قال: حَلَفَتْ أمُّ سَعْد أن لا تكلِّمَه أبدا حتى -[12]- يَكفُر بدينه، ولا تأكلَ ولا تشربَ، قالت: زعمتَ أن الله وصَّاكَ بوالديك فأنا أمُّك، وأنا آمرُك بهذا، قال: مكثتْ ثلاثاً حتى غُشيَ عليها من الجَهد فقام ابن لها يقال له: عُمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية {ووصينا الإنسان بوالديه حُسناً} [العنكبوت: الآية 8] {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً} [لقمان: الآية 15] قال: وأصاب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذتُه، فأتيتُ به رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقلتُ: نَفلْني هذا السيف، فأنا مَنْ قد علمتَ حالَه، فقال: رُدَّه [من] حيث أخذتَه، فانطلقتُ حتى [إذا] أردتُ أن ألقيه في القَبَض، لامتني نفسي، فرجعتُ إليه، فقلتُ: أعْطِنيهِ، قال: فشدَّ لي صَوْتَه: رُدَّهُ من حيث أخذتَهُ، قال: فأنزل الله عزَّ وجلَّ {يسألونك عن الأنفال} [الأنفال: الآية 1] ومرضتُ، فأرسلتُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، فأتاني، فقلتُ: دَعْني أقْسِم مالي حيث شئتُ، قال: فأبى، قلتُ: فالنصفُ، قال: فأبى، قلتُ: فالثلثَ، قال: فسكت، فكان بعدُ الثلث جائزاً، قال: وأتيتُ على نَفَر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعالَ نُطْعمك، ونسقيكَ خمراً- وذلك قبل أن تحرَّم الخمر - قال: فأتيتُهم في حَشٍّ - والحَشُّ: البستان - فإذا رأس جَزور مشويّ عندهم، وزِقّ من خمر، فأكلتُ وشربتُ معهم، قال: فذُكرت الأنصار والمهاجرون عندهم، فقلتُ: المهاجرون خير من الأنصار، قال: فأخذ -[13]- رجل أحد لَحْيي الرأس، فضربني به، فجَرح أنفي، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- فأخبرتُه، فأنزل الله فيَّ - يعني نفسه - شأنَ الخمر {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} » [المائدة: الآية 90] .
وفي رواية في قصة أم سعد «فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شَجَروا فاها بعصاً، ثم أوْجَرُوها» .
وفي آخرها «فضرب به أنف سَعْد ففَزره، فكان أنف سعد مفزوراً» أخرجه مسلم.
واختصره الترمذي قال: نزلت فيَّ أربع آيات، فذكر قصة، وقالت أم سعد: «أليس قد أمر الله بالبِرِّ؟ والله لا أطْعَمُ طعاماً، ولا أشربُ شراباً حتى أموتَ، أوتَكْفُرَ، قال: فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شَجَرُوا فاها، فنزلت هذه الآية {ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك ... } الآية (?) [العنكبوت: 8] » .
S (نَفَّلني) : نَفَّلتُه كذا، أي: أعطيته نافلةً وزيادة على سهمه من الغنيمة.
(القبض) : بسكون الباء: مصدر قبضت الشيء قبضاً: أخذته إليك، -[14]- فصار في قبضتك، أي: في يدك وتحت تصرفك، وبفتح الباء: الشيء المقبوض، وأراد به: ما يجمع من الغنائم ويُحرَز، وهو المراد في الحديث.
(الجَزُور) : البعير، ذكراً كان أو أنثى، وأصله: البعير يُنْحَرُ ويُقطع لحمه، إلا أن اللفظة مؤنثة.
(الميسر) : القمار.
(الأنصاب) : الأصنام أو الحجارة التي كانوا يذبحون عليها لآلهتهم.
(والأزلام) : القداح، واحدها: زَلَم، وزُلَم - بفتح الزاي وضمها - وهي سهام بلا نصول ولا ريش، كانوا يضربون بها في القمار لِيعْرِفُوا نصيب كل واحدٍ منهم، وكانوا يضربون بها أيضاً عند الشروع في الأمر يعرِض لهم من سفر أو زواج أو بيع أو نحو ذلك، يعرفون بها في زعمهم ما هو الأصلح لهم، فإن خرج لهم «افْعَل» فعلوا، وإن خرج «لا تفْعَل» لم يفعلوا.
(رجس) : الرجس: النجس.
(شَجَرُوا فاها) : أي: فتحوه كُرهاً.
(أوجَرتُ) الدواء في فيه: إذا ألقيتَه فيه، فشَبَّه إلقاء الطعام في فيها كرهاً بإلقاء الدواء عن غير اختيار.