5821 - (د ت) سلمة بن صخر البياضي - رضي الله عنه- قال: «كنتُ امرءاً أُصِيب من النساء ما لا يُصيِبُ غيري، فلما دخل شهر رمضان خِفْتُ إن أصبتُ من امرأتي شيئاً تَتَايَعَ (?) بي حتى أُصْبِحَ، فظاهرتُ منها حتى ينسلخ شهرُ رمضان، فبينا هي تَخْدِمُني ذات ليلة، إذ تكشَّف لي منها شيء، فما لَبِثْتُ أن نَزَوْتُ عليها، فلما أصبحتُ خرجتُ إلى قومي، فأخبرتهم الخبرَ، قال: فقلت: امْشُوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قالوا: لا والله، فانطلقت إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، فأخبرته، فقال: أنت بذاك يا سلمةُ؟ قلت: أنا بذاك يا رسول الله، مرتين، وأنا صابر لأمر الله، فاحْكم فيَّ ما أَرَاكَ الله، قال: حَرِّرْ رقبة، قلت: والذي بعثك بالحق، ما أملك رقبة غيرها- وضربتُ صفحةَ رقبتي - قال: فَصُمْ شهرين متتابعين، قلت: وهل أصَبْتُ الذي أصبتُ إلا من الصيام؟ قال: فأطْعِمْ وَسْقاً من تَمْرِ بين ستِّين مسكيناً، قلت: -[648]- والذي بعثك بالحق، لقد بتْنا وَحْشَيْن، ما أملك لنا طعاماً (?) . قال: فانطَلِقْ إلى صاحب صدقة بني زُرَيْق، فَلْيَدْفَعها إليك، فأطعم ستين مسكيناً وَسْقاً من تمرٍ، وكلْ أنت وعِيَالُكَ بَقيَّتَها، فرجعتُ إلى قومي فقلتُ: وجدتُ عندكم الضِّيقَ وسوءَ الرأي، ووجدت عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- السَّعَة وحسن الرأي، وقد أمرني - أو أمر لي - بصدقتكم، قال ابن إدريس (?) : وبياضةُ: بطْن من بني زُرَيق» أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي قال: «كنت رجلاً قد أُوتيتُ من جِمَاع النَّساءِ ما لم يُوتَ غيري، فلما دخل رمضان تظاهرتُ من امرأتي حتى يَنْسَلِخَ رمضان، فَرَقاً من أن أُصِيبَ منها في ليلي، فأتتَايعَ في ذلك إلى أن يُدْرِكَني النهار، وأنا لا أقدر أن أنْزِعَ، فبينما هي تَخْدِمُني ذاتَ ليلة، إذْ تَكَّشفَ منها شيء، فوثبتُ عليها، فلما أصبحتُ غدوت على قومي، فأخبرتُهم خبري، فقلت: انطلقوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأخْبِرُوه بأمري، فقالوا: لا والله، لا نفعل، نتَخَوَّفُ أن ينزل فينا قرآن، أو يقول فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مَقَالَة يَبْقى علينا عارُها، ولكن اذهبْ أنت فاصْنَع ما بَدَا لك، قال: فخرجت، فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فأخبرتُهُ خبري، فقال: أنتَ بذاك؟ قلت: أنا بذاك، قال: أنتَ بذاك؟ قلتُ: أنا بذاك، قال: أنتَ بذاك؟ -[649]- قلت: أنا بذاك، وها أنذا، فأمْضِ فيَّ حكم الله، فإني صابر لذلك، قال: أَعْتِق رقبة، قال: فضربتُ صفحةَ عُنُقي بيدي، فقلت: والذي بعثك بالحقِّ نبيّاً، ما أصْبَحْتُ أملك غيرَها، قال: فَصُمْ شهرين، قلت: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إِلا في الصيام، قال: فأطْعِمْ ستِّين مسكيناً، قلت: والذي بعثك بالحق، لقد بِتْنَا لَيْلَتَنَا هذه وَحْشى، ما لنا عَشاء، قال: اذهب إِلى صاحب صدقة بني زريق، فقل له فليدْفعها إِليك، فأطْعِم عنك منها وَسقاً ستِّين مسكيناً، ثم اسْتَعِنْ بسائره عليك وعلى عِيالك، قال: فرجعتُ إِلى قومي، فقلت: وجدتُ عندكم الضِّيقَ وسُوءَ الرأي، ووجدتُ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- السَّعَةَ والبركة، وأمر لي بصدقتكم، فَادْفَعُوها إِليَّ، فدفعوها إِليَّ» . قال الترمذي: قال محمد [يعني محمد بن إسماعيل البخاري] : سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر.
وفي رواية للترمذي: «أن سَلْمان بن صخر الأنصاري - أحدَ بني بياضة - جعل امرأته عليه كظهر أُمِّه، حتى يمضي رمضان، فلما مضى نصف من رمضان وقع عليها ليلاً، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أعْتِقْ رقبة، قال: لا أجدها، قال: فصُمْ شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع، قال: أطعم ستيَّن مسكيناً، قال: لا أجدُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لفَرْوَةَ بن عمرو: أَعْطِه ذلك العَرَق - وهو مِكْتل يأخُذ خمسة عشر صاعاً، أو ستة عشر صاعاً - إطعامُ ستين مسكيناً» . -[650]-
قال الترمذي: يقال: سلمان بن صخر، وسلمة بن صخر البياضي.
وله في أخرى عن سلمة بن صخر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- في المظاهر يُواقع قبل أن يكفِّر، قال: «كفارة واحدة» (?) .
S (نَزَوت) عليها: وَثَبْت عليها، أراد: الجماع.
(فَرَقاً) الفَرَق: الفزع والخوف.
(التَّتَايُع) : التَّهَافُت في الشر واللجاج فيه، والسكران يتتايع، أي: يرمي بنفسه، ولا يكون التتايع إلا في الشر.
(وَسْق) الوَسق: ستون صاعاً، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث بالعراقي، أو رطلان، على اختلاف المذهبين.
(وَحْشَيْن) رجل وحْش: إذا لم يكن له طعام من قوم أوحْاش، وأوحَش الرجل: جاع، وتوَّحش الرجل، أي: خلا بطنه من الجوع، وقد جاء في كتاب الترمذي: «لقد بِتْنَا ليلتنا هذه وَحْشى» كأنه قال: جماعة وَحْشى» .