جامع الاصول (صفحة 5943)

5720 - (خ م د ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «كنا في مسير لنا، فنزلنا منزلاً، فجاءت جارية، فقالت: إن سَيِّدَ الحيِّ سَليم، وإن نفَرنا غَيَب، فهل منكم رَاق، فقام معها رجل ما كنا نأبِنُهُ برُقْيَة، فَرَقَاه فَبَرَأ، فأمر له بثلاثين شاة، وسَقَانا لبناً، فلما رجع قلنا له: أكنتَ تُحْسِنُ رُقْية؟ أوْ: كنتَ ترقي؟ قال: لا، ما رقيتُ إلا بأمِّ الكتاب، قلنا: لا تُحْدِثوا شيئاً حتى نأتيَ - أو نسألَ - رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فقال: وما كان يُدْريه أنها رقية، اقْسِمُوا، واضْرِبُوا لي بسهم» .

وفي رواية قال: «انطلق نفرْ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في سَفْرة سافرُوها، حتى نزلوا على حيّ من أحياء العربِ، فاسْتَضَافُوهُم، فأبَوْا أن يُضَيِّفُوهم، فلُدِغَ سيِّدُ ذلك الحيِّ، فَسَعَوْا له بكل شيء لا ينْفَعُه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتُم هؤلاءِ الرَّهطِ الذين نزلوا بكم، لعلَّهم عندهم بعضُ شيء؟ فأتَوْهم، فقالوا: يا أيها الرَّهط، إن سَيِّدَنا لُدِغَ، وسَعَيْنا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: إني والله لأرْقي، ولكن والله لقد اسْتَضَفْناكم فلم تُضَيِّفُونا، فما أنا براق لكم حتى تَجْعَلُوا لنا جُعلاً، فصَالَحُوهم على قَطيع من الغَنَم، فانطلق يَتْفُلُ عليه ويقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فكأنما أُنْشِطَ من عِقال، فانطلق يمشي، وما به -[567]- قَلَبَة، قال: فأوفَوهم جُعْلَهُم الذي صَالحوهم عليه، وقال بعضهم: اقْتَسِمُوا، فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا حتى نأتيَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- فنذكرَ له الذي كان، فننظر الذي يأمرنا به. فقدموا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فذكروا له، فقال: وما يُدريكَ أنَّها رُقْيَة؟ ثم قال: قد أصَبْتم، اقْسِمُوا، واضْرِبوا لي معكم سهماً، وضحك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-» .

أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج أبو داود الثانية.

وفي رواية الترمذي قال: «بعثَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في سَريَّة ... » وذكر نحوه، وفيه: «أن أبا سعيد هو الذي رقاه» وفيه: «أنه قرأ (الحمد) سَبعَ مَرَّات، وأن الغنم كانت ثَلاثين شَاة» .

وأخرجه أيضاً في رواية أخرى بنحو ما سبق (?) .

S (سَلِيم) السَّليم: اللَّدِيغ، سُمِي به تفاؤلاً له بالسلامة.

(النَّفَر) هاهنا: الرجال خاصة، أرادت: أن رجالنا غَيَب، والغَيَب الغائبون عن الحي، جمع غائب. -[568]-

(نَأْبِنُه) أَبَنَه بكذا يَأْبِنُه [ويَأْبنُه] : إذا اتَّهمَه به.

(جُعْلاً) الجُعْل: الأجرة التي تُجْعل لك على أمر تفعله.

(يَتْفُل) التَّفْل: أكثر من النفث، فإن النفث لا يكون معه بزاق يُرَى، والتفل لابد له من ذلك.

(أُنْشِط من عِقَال) العِقَال: الحبل الذي تشد به ركبة البعير لئلا يَسْرَح، وأَنْشَطت البعير: إذا حَلَلْتُ عِقَاله، ونشَطته: إذا شددته، وقد جاء في بعض الروايات: «كأنما نُشِط من عِقال» والمعروف: أُنْشِط.

(قَلَبَة) ما به قَلَبة، أي: ما به عِلَّة، قيل: هو مأخوذ من القُلاب وهو داء يأخذ البعير، فيشتكي منه قَلْبه، فيموت من يومه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015