5689 - (د ت) عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- نهى عن الكيِّ، فابْتُلينا، فاكْتَوَيْنا كَيَّات، فما أفْلَحْنا ولا أنْجَحْنَا» .
وفي رواية قال: «نُهينا عن الكيِّ» لم يزد.
أخرجه الترمذي وأبو داود (?) . -[550]-
S (نهى عن الكي) قال الخطابي: نهيه عن الكي يحتمل أنه من أجل أنهم كانوا يُعظِّمون أمره، ويقولون: آخر الدواء الكي، ويرون أنه يَحْسِم الداء ويبرئه، وإذا لم يفعل ذلك عطب صاحبه، فنهاهم عنه إذا كان على هذا الوجه، وأباح لهم استعماله على معنى التوكل على الله عز وجل، وطلب الشِّفاء منه، بما يحدث من البُرْء عقب استعماله، فيكون الكي والدواء سبباً لا علة، وهذا أمر قد تكثر فيه شكوك الناس، فتخطئ فيه ظنونهم، كما أكثر ما نسمعهم يقولون: لو أقام فلان بأرضه وبلده لم يهلك، ولو شرب الدواء لم يسقم، ونحو ذلك من تجريد إضافة الأمور إلى الأسباب، وتعليق الحوادث بها دون ما تسليط القضاء عليها، وتغليب المقادير فيها، فتكون الأسباب أمارات لتلك الكائنات، لا موجبات لها، يجوز أن يكون نهيه عن الكي: إذا كان يفعله احترازاً من الداء قبل وقوع الحاجة ونزول البلية، وذلك مكروه، وإنما أيبح العلاج والتداوي عند نزول الحاجة ودعاء الضرورة: ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم- كوى سعداً حين خاف عليه الهلاك من النزف؟ ويحتمل أن يكون نهي عمران بن حصين خاصاً عن الكي في علة بعينها، لعلمه أنه لا ينجح، ألا تراه قال: «فما أفلحنا ولا أنجحنا» وقد كان به الباسور؟ أو لعلَّه نهاه عن ذلك لخطر فيه، والله أعلم.