373 - (خ م ط ت س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كُنَّا نُرْزَقُ تمر الجمع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الخَلْطُ من التَّمْر، فكُنَّا نَبيعُ صاعَيْنِ بِصاعٍ، فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا صاعين تمرًا بصاع، ولا صاعين حنطةً بصاع، ولا درهَمًا بدرهمين» .
وفي رواية قال: جاء بلال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مِنْ أيُنَ هذا؟ فقال بلال: كان عندنا تمر رَدِيءٌ، فبعتُ منه صاعين بصاع لِمَطْعَمِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذلك: «أوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا، عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردتَ أن تشتريَ فبِعِ التمر بيعًا آخر، ثم اشترِ به» . هذه رواية البخاري ومسلم.
ولمسلم عن أبي نَضْرَةَ قال: سألت ابنَ عمر وابنَ عباسٍ عن الصَّرْفِ؟ فلم يريا به بأسًا، فإني لَقَاعدٌ عند أبي سعيد الخدري، فسألتُهُ عن الصرف؟ فقال: ما زاد فهو ربًا، فأنكَرْتُ ذلك لقولهما، فقال: لا أحَدِّثَكَ إلا ما سمعتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، جاءه صاحبُ نَخْلَةٍ بصاع مِنْ تَمرٍ طيِّبٍ، وكان تَمرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا اللَّوْنَ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنَّى لَكَ هذا؟» قال: انطلقْتُ -[547]- بصاعَيْنِ فاشتَرَيْتُ به هذا الصاع، فإنَّ سعر هذا في السوق كذا، وسِعرَ هذا كذا، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَيْلَكَ، أرْبَيْتَ، إذا أرَدْتَ ذلك: فبِعْ تَمرَكَ بسلعة، ثم اشتر بسِلْعَتِكَ أيَّ تَمرٍ شِئْتَ» ، قال أبو سعيد: فالتَّمْرُ بالتَّمْرِ. أحَقُّ أن يكُونَ ربًا، أمِ الفضَّةُ بالفضَّةِ؟ قال: فأتَيتُ ابنَ عمر بعدُ، فنهاني، ولم آتِ ابنَ عبَّاسٍ، قال: فَحَدَّثني أبو الصَّهْباءِ: أنَّه سألَ ابنَ عباسٍ عنه بمكَّةَ، فكَرِهَهُ.
ولمسلم من رواية أخرى عن أبي نَضْرةَ قال: سألت ابن عباس عن الصرف، فقال: أيدًا بيد؟ فقلت: نعم، قال: لا بأسَ، فأخبرتُ أبا سعيد فقلت: إني سألتُ ابن عباس عن الصرفِ؟ فقال: أيدًا بيد؟ قلتُ: نعم، قال: فلا بأس به، قال: أوَ قال ذلك؟ إنا سنكتب إليه فلا يُفْتِيكُمُوهُ، قال: فَوَاللهِ لقد جاء بعض فِتيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتمر فأنكره، قال: كأنهَ هذا ليس من تمر أرضنا» ، أو في تمرنا، العامَ بعضُ الشيء، فأخذتُ هذا وزِدْتُ بعضَ الزيادة، فقال: «أضْعَفْتَ، أرْبَيْتَ، لا تَقْرَبَنَّ هذا، إذَا رَابَكَ من تَمرِكَ شيءٌ فَبِعْه، ثم اشْتَرِ الذي تُريدُ من التمر» .
وفي رواية للبخاري ومسلم عن أبي سعيد موقوفًا: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم. زاد في أخرى: مثلاً بمثل، من زادَ أو ازْدَادَ فقد أربَى.
قال راويه: فقلتُ له: فإن ابن عباس لا يقوله، فقال أبو سعيد: سألتُه: فقلتُ: سَمِعتَهُ من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو وجدته في كتاب الله؟ قال: كل ذلك لا أقول، -[548]- وأنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني (?) ، ولكن أخبرني أسامةُ بن زيد: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ربا إلا في النَّسِيئَةِ» .
وفي أخرى لمسلم: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ، ولا الورِقَ بالورِقِ، إلا وزنًا بِوَزْنٍ، مِثْلاً بمثل، سواءً بسواءٍ» .
وفي أخرى له وللبخاري والموطأ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلاً بمثل، ولا تُشِفُّوا بَعْضَهَا على بعض، ولا تَبيعوا الوَرِقَ بالوَرِق، إلا مِثْلاً بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بِنَاجِزٍ» . زاد في رواية للبخاري: إلا يَدًا بِيدٍ.
وفي أخرى للبخاري عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه لَقِيَ أبا سعيد، فقال: يا أبا سعيد، ما هذا الذي تُحَدِّثُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبو سعيد: في الصرفِ، سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل، والورِق بالورق مثلاً بمثل» .
وفي أخرى لمسلم قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثْلاً بمثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربَى، الآخِذُ والمْعْطِي فيه سواء» . -[549]-
وفي رواية الترمذي: قال نافع: انطلقتُ أنا وابنُ عمر إلى أبي سعيد، فحدَّثَنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - سَمِعَتْهُ أذناي هاتان يقول -: «لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مِثْلاً بمثل، والفضة بالفضة، إلا مِثلاً بمثل، لا تُشِفُّوا بعضَه على بعض، ولا تبيعوا منه غائبًا بناجز» .
وأخرج النسائي الرواية الأولى والثانية، وأخرج رواية مسلم المفردَة والتي بعدها، وله روايات أخرى نحو ذلك. وأخرج قول أبي سعيد لابن عباس (?) .
Sأَوَّه: كلمة يقولها الرجل عند الشكاية، وإنما هو من التوجع، إلا أنها ساكنة الواو، وربما قلبوا الواو ألفًا، فقالوا: آه من كذا، وربما شددوا الواو وكسروها وسكَّنوا الهاء، فقالوا: أَوِّهْ من كذا، وربما حذفوا مع التشديد الهاء، فقالوا: أَوٍّ من كذا، بلا مدٍّ، وبعضهم يقول: أَوَّه بفتح الواو، وتشديدها وسكون الهاء. -[550]-
ولا تُشِفُّوا: أي: لا تزيدوا ولا تُفَضِّلوا أحدهما على الآخر.
بناجز: الناجز: المعجل الحاضر.