3140 - (خ م ط د س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنتُ ساقيَ القوم في منزل أبي طلحة، فكان خمرُهم يومئذ الفضيخَ، فأمر رسولُ الله مُنادياً ينادي: ألا إن الخمر قد حرِّمت، قال: فَجَرت في كلِّ سكك المدينة. فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت -[109]- فأهرقتها، فجرَت في سكك المدينة، فقال بعض القوم: قد قُتِلَ قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله عز وجل {لَيْسَ على الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيما طَعِموا} [المائدة: 93] .
وفي رواية قال: «كنت أنا أسقي أبا عُبيدة بن الجرّاح، وأبا طلحة، وأُبيَّ بن كعب شراباً من فضيخِ زهْو، وتمر، فأتاهم آت، فقال: إن الخمر قد حرِّمت، فقال أبو طلحة: يا أنسُ قمْ إلى هذه الجرَّة فاكسرها، فقمتُ إلى مهراس لنا، فضربتُها بأسلفه حتى تكسرت» .
وفي أخرى، قال: سألوا أنس بن مالك عن الفضيخ، فقال: ما كانت لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تُسمُّونه الفضيخ، إني لقائم أسقيها أبا طلحة وأبا أيوب ورجالاً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتنا، إذ جاء رجل، فقال: هل بلغكم الخبرُ؟ قالوا: لا، قال فإن الخمر قد حُرِّمت، فقال أبو طلحة يا أنسُ، أرِق هذه القِلال، قال: فما راجَعوها ولا سألوا عنها بعد خبر الرجل» .
وفي أخرى قال: «كنت أسقي عُمومَتي من فَضِيخ لهم وأنا أصغَرُهم سِناً، فجاء رجل، فقال: إنما حُرِّمت الخمر، فقالوا: أكفئها يا أنس، فكفَأتُها، قال: قلتُ لأَنس: ما هو؟ قال: بُسر ورطَب» .
وفي أخرى قال: «إني لأسقي أبا طلحة، وأبا دُجانةَ، وسُهَيْلَ بنَ بيضاء، من مزادة فيها خَليطُ بُسر وتمر، فدخل داخل فقال: حدَثَ خَبر، نزل تحريم الخمر، فأكفأناها يومئذ» . أخرجه البخاري ومسلم وللبخاري قال: «حرِّمَت -[110]- الخمرُ حين حُرِّمتْ، وما نَجِدُ خمرَ الأعنابِ إلا قليلاً، وعامَّةُ خمرنا البُسْرُ والتَّمرُ» . وله في أخرى، قال: «إن الخمر حُرِّمت، والخمر يومئذ البُسر والتمر» .
ولمسلم قال: «لقد أنزلَ الله هذه الآية التي حُرِّمَ فيها الخمر، وما بالمدينة شراب إلا من تمر» وأخرج الموطأ الرواية الثانية.
وفي رواية أبي داود، قال: «كنت ساقي القوم حين حُرِّمت الخمر في منزل أبي طلحة، وما شرابُنا يومئذ إلا الفضيخ، فدخل علينا رجل، فقال: إن الخمر قد حُرِّمت، ونادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: هذا مُنادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
وفي رواية النسائي، قال: «كنت أَسقي أبا طلحة، وأُبي بن كعب، وأبا دُجانة، في رَهط من الأنصار، فدخل علينا رجل، قال: حدث خبر، نزل تحريم الخمر، فكفأناها، وما هي يومئذ إلا الفضيخُ: خليطُ البُسْرِ والتمر - وقال أنس: لقد حُرِّمت الخمر، وإن عامَّةَ خُمورهم يومئذ الفضيخُ» .
وله في أخرى قال: «بينا أنا قائم على الحيِّ، وأنا أصْغرُهم سِناً، على عمُومَتي، إذ جاء رجل، فقال: إنها قد حُرِّمت الخمرُ، وأنا قائم عليهم أسقيهم من فضيخ لهم، فقال: أكفئْها، فكأتُها، فقلت لأنس: ما هو؟ قال: البُسر -[111]- والتمر» . قال أبو بكر بن أَنس: كانت خمْرَهم يومئذ. فلم يُنكِر أنس. وأخرج أيضاً الثانية من أفراد البخاري (?) .
S (الفضيخ) : شراب يتخذ من بسر مفضوخ، أي مشدوخ.
(زَهْو) : الزهو: الرطب: إذا اصفر أو احمر.
(مِهْراس) : المهراس: الحجر الذي يُشال ليعرف به شدة الرجال.. سمي مهراساً، لأنه يُهرس به، أي يدق به، والذي أراده في الحديث: حجر كان لهم يدقون به ما يحتاجون إليه، والمهراس في غير هذا الموضع: صخرة منقورة يكون فيها الماء لاتقله الرجال، يسع كثيراً من الماء.
(أكفئها) : كفأت الإناء: إذا كببته على رأسه، وكذلك أكفأته لغة فيه.
(مِزَادة) : المزادة: الرَّاوية.