1997 - (د) جبير بن مطعم - رضي الله عنه -: قال: «أتَى رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أعْرَابيٌّ فقال: يا رسولَ اللهِ، جَهِدَتِ الأنفُسُ، وَضَاعَتِ العِيَالُ، وَنُهِكَتِ الأمْوالُ، وَهَلَكَتِ الأنْعَامُ، فَاسْتَسْقِ اللهَ لَنَا، فَإِنَّا نَستَشْفِعُ بِكَ على اللهِ، ونَستَشْفِعُ باللهِ عَلَيكَ، قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-: وَيْحَكَ، أَتَدْري ما تَقُولُ؟ وسَبَّحَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- فَمَا زالَ يُسَبِّحُ، حَتى عُرِفَ ذلك في وجه أصحابِهِ، ثم قال: إنه لا يُستَشْفَعُ بالله على أحدٍ من خلقه، شَأنُ الله أعْظمُ من ذلك، ويحكَ، أتدري مَا اللهُ؟ إن عَرشَهُ على سَمَاوَاتِهِ لَهكَذَا، وقال بِأصبعِهِ - مثل القُبْةِ عليه - وإنَّهُ لَيَئِطُّ أطِيطَ الرَّحلِ بالرَّاكِبِ» . -[24]-
وفي رواية: «إِنَّ الله فَوقَ عَرشِهِ، وَعَرْشُهُ فَوقَ سَمَاوَاتِهِ ... الحديث» . أخرجه أبو داود (?) .
S (جهدت) : الجهد - بفتح الجيم -: المشقة، وبضمها: الطاقة.
(نهكت) : النهك: المرض، والمراد به هاهنا: التلف.
(أطيط) الرحل: الأطيط: قد ذكر في «كتاب الخوف» والرحل: كور الناقة، قال الخطابي: وهذا الكلام إذا أجري على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية، والكيفية عن الله عز وجل وعن صفاته منفية، فعقل أنه ليس المراد منه تحقيق هذه الصفة، ولا تحديده على هذه الهيأة إنما هو كلام تقريب أريد به: تقريب عظمة الله تعالى في النفوس، وإفهام السائل من حيث يدركه فهمه، إذا كان أعرابياً جافياً لا علم له بمعاني ما دق من الكلام، وفي الكلام حذف وإضمار، فمعنى قوله: «أتدري ما الله؟» : ما عظمة الله وجلاله؟ ومعنى قوله: «إنه ليئط به» ليعجز عن عظمته إذا كان معلوماً أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه، ولعجزه عن احتماله -[25]- فقرر بهذا التمثيل والتشيبه معنى عظمة الله وجلاله في نفس السائل، وأن من يكون كذلك لا يجعل شفيعاً إلى من دونه، والله أعلم (?) .