جامع الاصول (صفحة 212)

7 - (خ م ط د س) طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنهما - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من أهل نجد، ثائر الرأس، نَسْمَعُ دَوِيَّ صوته، ولا نَفْقَهُ ما يقولُ، حتى دَنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو يَسْألُ عن الإسلام؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خَمْسُ صلوات في اليوم واللَّيلة» . فقال: هل عليَّ غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تطَّوَّع» . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وصيامُ رمضانَ» . فقال: هلْ عليَّ غيرُه؟ قال: «لا، إلا أنْ تطوّع» . قال: وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاةَ، فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: «لا، إلا -[223]- أنْ تطوع» . قال: فأدبَرَ الرجلُ، وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقصُ منه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفْلَحَ إنْ صَدق، أوْ دَخَلَ الجنَّةَ إن صدق» . أخرجه البخاري ومسلم و «الموطأ» وأبو داود والنسائيّ (?) .

إلا أن أبا داود والنسائي قالا: «الصدقة» عوضَ «الزكاة» .

وقال أبو داود: «أفلح وأبيه إنْ صَدَق» .

وأخرجه النسائي أيضًا من رواية أخرى: «أنَّ أعرابيّا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخْبِرْني ماذا فَرضَ اللهُ من الصلاة؟» قال: «الصلوات الخمس، إلا أنْ تطوّع، قال: أخبرني: ماذا فَرضَ الله عليَّ من الصوم؟» فذكرَ الحديث كما سبق.

Sالثائر الرأس: الشعث الشعر، البعيد العهد بالغسل والتسريح والدَّهن.

الدوي (?) : كصوت النحل وغيره.

نفقه: الفقه: الفهم والعلم، أي: لا يفهم كلامه. -[224]-

أفلح وأبيه: كلمة جارية على ألسن العرب، تستعملها كثيرًا في خطابها، وتريد بها: التأكيد، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلف الرجل بأبيه. فيحتمل أن يكون هذا القول منه قبل النهي، ويحتمل أن يكون جرى منه على عادة الكلام الجاري على الألسن، وهو لا يُقْصَد به القسم، كاليمين المعفوِّ عنها من قبيل اللغو، أو أنه أراد به التوكيد، لا اليمين، فإن هذه اللفظةَ تجري في كلام العرب على ضربين: للتعظيم، وللتأكيد، والتعظيمُ هو المنهيُّ عنه، وأمَّا التوكيد فلا، كقوله:

لَعَمْرُ أَبي الوَاشِينَ لا عَمرُ غَيْرِهِمْ ... لَقَدْ كَلَّفَتْني خِطَّةً لا أُرِيدُهَا

فهذا توكيد؛ لأنه لا يَقصدُ أَنْ يُقسِم بأبي الواشِينَ، وهذا في كلامهم كثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015