1853 - (خ م ط ت د) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «إنَّ اليَهُودَ جَاؤوا إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَروا له أَنَّ امْرأة منهم ورجلاً زَنَيا، فقال لهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ما تَجدُون في التَّوراة في شَأْنِ الرَّجمِ؟ فقالوا: نَفضحُهمْ ويُجلَدونَ، قال عبد الله بن سَلامٍ: كَذَبتُمْ إنَّ -[542]- فيها الرَّجمَ، فأتَوا بالتوراةِ فَنشرُوها، فَوضَعَ أحَدُهُمْ يَدَهُ على آيَةِ الرَّجمْ، فَقْرَأ ما قَبْلها وما بَعْدهَا، فقال له عبد الله بن سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فإذا فيها آيةُ الرجمِ، فقالوا: صَدَقَ يا محمدُ، فيها آيةُ الرَّجْمِ، فأمَرَ بهما النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَرُجِما، قال: فرأيتُ الرَّجُلَ يُجْنِىءُ على المرأةِ يَقِيها الحجارةَ» .
وفي رواية قال: «أُتيَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- برجلٍ وامرأةٍ من اليهود، وقد زَنَيا، فقال لليهود: ما تَصْنَعُونَ بِهما؟ قالوا: نُسَخِّمُ وُجوههَما ونُخزِيهما، قال: فائتوا بالتوراةِ فَاتْلُوها إنْ كُنتم صادقينَ، فَجَاؤوا بها، فقالوا لِرَجلٍ مِمَّنْ يَرْضونَ أَعْورَ: اقْرأ، فَقَرَأ حتى انتهى إلى مَوضعٍ منها، فَوضَعَ يَدَهُ عليه، قال: ارْفَع يَدَكَ، فَرَفَعَ فإذا آيَةُ الرَّجمِ تَلُوحُ، فقال: يا محمدُ، إنَّ فيها آيةَ الرَّجم، ولَكِنَّا نَتَكاتَمُهُ بَيْنَنَا، فأَمَرَ بِهما فَرُجمَا، فرأَيتُهُ يُجانىءُ» .
وفي أخرى: «أنَّ اليَهُودَ جَاؤوا إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- برجلٍ وامرأةٍ زَنَيا، فَرُجِما قَريباً من مَوضِعَ الْجَنائِزِ، قُربَ المسجدِ» . هذه روايات البخاري ومسلم.
وفي أخرى للبخاري نحوه وفيه: «إنَّ أحبارنَا أحْدَثُوا تَحْميمَ الْوَجهِ والتجْبيه - وذكر الحديثَ كما سبق - قال ابن عمر: فَرُجما عند البلاطِ فرأيتُ اليَهُوديَّ أجْنأَ عليها» . -[543]-
وفي أخرى لمسلم نحوه، وفيه: «فَانْطلَقَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جَاء يَهُودَ، فقال: مَا تَجدُونَ في التوراةِ على مَنْ زَنَى؟ قالوا: نُسَوِّدُ وجوههما ونُحمِّمُها (?) ، ونُخَاَلِفُ بيْنَ وجُوههما، ويُطَافُ بِهِما - وذكر الحديثَ كما سبق - قال ابن عمر: كنتُ فِيمنْ رَجَمهُما، فلقد رَأيتُهُ يقيها الحجارة بنَفْسِهِ» .
وأخرج الموطأ وأبو داود الروايةَ الأولى.
واختصره الترمذي فقال «إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجَمَ يَهُودياً ويَهُوديَة وقال: وفي الحديث قِصَّةٌ ولم يَذْكُرها» .
وفي أخرى لأبي داود قال: «أتى نَفرٌ من اليهود فدَعوْا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القُفِّ، فَأتَاهُمْ في بَيْتِ المِدْرَاسِ، فقالوا: يا أبا القاسِم إنَّ رجلاً منا زَنى بامرأةٍ، فَاحْكم بينهم، فَوَضَعُوا لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وِسَادة، فَجَلسَ -[544]- عليها، ثم قال: ائتوني بالتوراةِ، فأُتيَ بها، فَنَزَعَ الْوِسَادَةَ من تَحتهِ ووضَع التَّورَاةَ عليها، وقال: آمَنتُ بِك وبِمَنْ أنْزَلَكِ، ثم قال: ائْتُوني بأعْلمِكُم، فَأُتيَ بفَتىً شَابٍّ» .
ثم ذَكَرَ قصةَ الرجم نحو حديث مالك عن نافع - يعني: الروايةَ الأولى (?) .
S (يُجنئ) : أجنأ عليه يُجنئ: إذ اأكبّ عليه يقيه بنفسه شيئاً يؤذيه، وجانأ عليه يُجانئ: فاعل يُفاعل منه، ورأيت في «معالم السنن» للخطابي - في معنى هذا الحديث عند الفراغ من متنه - ما هذا حكايته، قال: قلت: هكذا -[545]- قال: يَحْنأ، والمحفوظ: إنما يَجْنأ، أي: يُكِبُّ عليها، يقال: جنأ الرجل يَجنأ جُنوءاً: إذا أكب على الشيء، قال كثير:
أغاضر لو شهدت غداة بِنتُم ... جُنُوء العائدات على وِسَادي
فهذا القول من الخطابي يدل على أن اللفظة بالحاء غير المعجمة، ولعل رواية أبي داود كذا (?) ، فأما رواية الباقين، فإنما هي الجيم، وقد ذكرنا معناها، والله أعلم.
(المِدْراس) : موضع الدرس والقراءة.
(القُف) : اسم واد من أودية المدينة، قال أبو الهيثم: فيحتمل أن يكون المراد بقوله: «فدعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القُفّ» : ذلك الوادي المسمى بالقُفّ. والله أعلم.