1796 - (م د س) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين -رحمه الله (?) -[460]- عن أبيه (?) قال: «دخَلْنا على جابر بن عبد الله (?) فَسألَ عن القومِ؟ (?) حتى انتهى إليَّ، فقلت: أنا محمدُ بنُ عليٍ بن الحسين، فَأهوَى بيدِه إلى رأسي فَنزَعَ زِرِّيَ الأعلى، ثمَّ نَزَعَ زِرِّيَ الأسفلَ، ثم وَضَعَ يَدَهُ بينَ ثَدْيَيَّ، وأنا يومئذٍ غُلامٌ شَابٌ (?) ، فقال: مَرحباً بك يا ابْنَ أخي، سَلْ عما شِئْتَ، فسألْتُهُ - وهو أعمى -، وحضر وقْتُ الصلاةِ، فقام في نِسَاجَةٍ ملتَحِفاً بها، كُلَّما وَضعَها على مَنكِبِه رجَعَ طَرَفاها إليه من صِغَرِها. ورداؤهُ إلى جَنبهِ على المشْجبِ، فَصَلَّى بنا، فقلتُ: أخْبرني عن حَجَّةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، -[461]- فَعَقَدَ بيَدِهِ تِسعاً، فقال: إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- مَكَثَ تِسْعَ سِنينَ لم يَحُجّ (?) ثُمَّ أذَّنَ في النَّاس في العاشرة، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- حاجٌّ، فَقَدِمَ المدينَةَ بشَرٌ كثيرٌ، كلُّهم يَلْتَمسُ أنْ يَأْتَمَّ برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ويَعْملَ مِثْلَ عَملهِ، فَخرجْنا معه، حتى أتَينا ذَا الْحُليفَةِ (?) ، فَوَلَدَت أسماءُ بنتُ عُمَيْسٍ (?) مُحمَّدَ ابنَ أبي بكرٍ، فأرَسَلت إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، كيف أصْنعُ؟ قال: اغْتسِلي واسْتَثْفِري بِثَوبٍ وأحرمي، فَصَلَّى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، ثم رَكبَ القَصْواءَ، حتى استَوَتْ به ناقَتُه على البَيْداءِ، نَظَرتُ إلى مَدِّ بصرِي بَينَ يَدَيْهِ مِنْ راكبٍ وماشٍ، وعن يمينهِ مثلَ ذلك، وعن يسارهِ مثلَ ذلك، ومن خَلفِهِ مثل ذلك، ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهُرِنا، وعليه يَنْزِلُ القرآنُ، وهو يَعْرِفُ تأويلَهُ، وما عَمِلَ به من شيءٍ عَمِلْنا به، فَأهَلَّ بالتوحيد: لَبَّيْكَ اللَّهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيكَ لا شَريكَ لَكَ لبَّيْكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والمُلْكَ، لاَ شريكَ لَكَ، وأهَلَّ الناس بهذا الذي يُهِلُّونَ به، فلم يَرُدَّ عليهم رسولُ الله -[462]- صلى الله عليه وسلم- شيئاً منه، ولَزِمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- تَلبِيَتَهُ - قال جابر: لَسْنَا نَنْوي إلا الحجَّ، لَسنا نعرِفُ العُمرةَ - حَتى إِذا أَتَينا البَيْت معه استلم الرُّكنَ، فَرَمَلَ ثَلاثاً، ومَشى أربعاً، ثم نَفَذَ إِلى مَقامِ إِبراهيم عليه السلام، فقرأَ: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهيم مُصَلَّى} [البقرة: 125] ، فَجَعَلَ المقَامَ بينه وبين البيتِ، فكانَ أبي يَقُولُ - ولا أعْلَمُهُ ذَكَره إِلا عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأُ في الركعتين: {قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ} ، و {قُلْ يَا أيُّها الكافِرُونَ} ، ثم رَجَعَ إِلى الرُّكنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثم خَرَجَ من الباب إِلى الصّفا، فَلَمَّا دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ} [البقرة: 158] أَبدَأ بما بدَأ اللهُ به، فَبَدأَ بالصفا، فَرَقي عليه حتَّى رأَى البيتَ، فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللهَ وكَبَّرَهُ، وقال: لا إِله إِلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إِلهَ إِلا الله وحدَهُ، أنْجَزَ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحزَابَ وَحدَهُ، ثُمَّ دَعَا بيْن ذلك - قال: هذا ثلاثَ مَرَّاتٍ - ثم نَزلَ إِلى المَروةِ، حَتَّى إِذا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوادي رَمَلَ (?) ، حتى إِذا صَعِدْنا مَشى، حتى أَتَى المروةَ، فَفَعَلَ على المَروةِ كما فَعَلَ على الصَّفَا، حتى إِذا كانَ آخرُ طوافٍ عَلا على المروةِ قال: لو أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ من أمري ما اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُق الهدْيَ وجَعَلتُها عُمْرَة، فَمَن كانَ منكم لَيْسَ مَعْهُ هَديٌ -[463]- فَلْيَحِلَّ، وليَجعلهَا عُمرَة، فقام سُراقةُ بنُ مالك بن جُعشُمٍ، فقال: يا رسولَ الله، أَلِعَامِنَا هذا، أَم للأَبدِ؟ فَشبّكَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَصابعَهُ واحدةً في الأخرى، وقال: دَخَلَتِ العُمرةُ في الحجِّ - هكذا مرَّتَيْنِ - لا، بل لأبَدِ أبَدٍ، وقَدِمَ عليٌّ من اليمن بِبُدْنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبستْ ثِياباً صَبيغاً، واكتحَلَتْ، فَأنكَرَ ذَلِكَ عليها (?) ، فقالت: إِنَّ أَبي أَمَرَني بِهَذا، قالَ: وكان عليٌّ - رضي الله عنه - يقول بالعراق: فذهبتُ إِلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مُحرِّشاً على فاطمةَ للذي صَنَعتْ، مُستَفْتياً لرسولِ الله فيما ذَكَرَتْ عنه، فأخبرتهُ: أَني أنكرتُ ذلك عليها، فقالت: أَبي أَمرني بهذا، فقال: صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، مَاذا قُلت حين فَرَضتَ الحجَّ؟ قال: قلتُ: اللهم إِني أُهِلُّ بما أَهلَّ به رَسولُكَ، قال: فإِنَّ مَعيَ الهَديَ فلا تَحِل، قال: فكانَ جماعةُ الهَدي الذي قَدِمَ به عليٌّ من اليمن والذي أَتى به النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِائَة، قال: فَحلَّ الناسُ كُلُّهم وقَصَّروا، إِلا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَمَنْ كان معه هَديٌ، فلَمَّا كان يَومُ التَّروِيةِ تَوجَّهوا إِلى مِنى، فأهلوا بالحجِّ، ورَكِبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فصلَّى بها الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والفجرَ، ثم مكثَ قليلاً حتى طَلَعتِ الشمسُ، وأَمَرَ بِقُبَّةٍ من شَعرٍ تُضْرَبُ له بِنَمِرَة، فَسَارَ رسولُ -[464]- الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تَشُكُّ قُرَيشٌ، إِلا أَنه واقفٌ عند المشْعَرِ الحَرامِ بالمُزدَلِفَةِ كما كَانت قُرْيشٌ تَصْنَعُ في الجاهلية، فأجازَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أَتى عرفةَ، فَوَجدَ القُبَّةَ قد ضُرِبَت له بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بها، حتى إِذا زَاغَتِ الشمسُ أَمَرَ بالقَصْواءِ فَرُحِلَت له، فَرَكِبَ فَأَتى بَطْنَ الْوادي، فَخَطَبَ النَّاسَ، وقال: إِنَّ دِماءكُم وأَموَالَكُم حَرَامٌ عليكم كَحُرمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودِماءُ الجاهلية مَوضُوعَةٌ، وإِنَّ أوَّلَ دَمٍ أَضَعُ من دِمائِنا دَمُ ابنِ ربيعةَ بن الحارثِ (?) ، كان مُستَرْضَعاً في بني سعدٍ، فَقَتلَتْهُ هُذيلٌ، ورِبا الجاهليةِ موضوع (?) ، وأوَّلُ رِباً أَضَعُ مِنْ رِبَانَا، رِبا العَبَّاسِ بنِ عبد المطلب، فإنه -[465]- موضوعٌ كُلُّهُ (?) ، فاتَّقُوا اللهَ في النِّساء، فَإِنَّكم أخَذْتُموهُنَّ بِأمَانِ الله، واستحلَلْتُمْ فروجَهنَّ بكلمةِ الله (?) ، ولكم عليهنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم أحداً تَكْرَهُونَه، فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فاضْرِبُوهُنَّ ضرباً غير مُبَرِّحٍ، ولَهُنَّ عليكم رِزْقُهُنَّ، وكِسْوتُهُنَّ بالمعروف، وقد تَرَكْتُ فيكم ما لن تَضِلُّوا بعده، إِن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تُسأَلُونَ عنِّي، فَمَا أنْتُمْ قائلون؟ قالوا: نَشهَدُ أنكَ قد بَلَّغْتَ وأدَّيتَ وَنَصَحْتَ، فقال بإِصبعه السَّبابةِ، يَرْفَعُهَا إِلى السماء ويَنكِّبُها (?) إِلى النَّاسِ: اللَّهمَّ اشْهَدْ، اللَّهمَّ اشْهد ثلاث مرات، ثم أَذَّنَ بلالٌ، ثم أَقامَ فَصَلَّى الظهرَ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى العصرَ، ولم يُصَلِّ بينهما شيئاً، ثم ركبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أَتى المَوقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ ناقَتِهِ القَصْواءِ إِلى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ المُشاةِ بين يَدَيهِ، واستَقْبَلَ القِبْلَةَ، فلم -[466]- يَزَلْ واقِفاً حتَّى غَرَبتِ الشَّمسُ، وذَهَبتِ الصُّفرَةُ قليلاً حينَ غابَ القُرْصُ، وأَردَفَ أُسامَةَ خلفَه، ودَفَعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد شَنَقَ لِلْقَصواء الزِّمامَ حتى إِنَّ رَأْسَها لَيُصيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، ويقول بيدِهِ: أيُّها النَّاسُ، السَّكِينَةَ، السَّكِينةَ، كُلَّما أَتى حَبلاً من الحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَليلاً حتَّى تَصْعَدَ، حتى أَتَى المُزدَلِفَةَ، فَصَلَّى بها المغربَ، والعشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإِقامَتَيْنِ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئاً، ثم اضْطَجَعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتَّى طَلَعَ الفجرُ، فَصَلَّى الفجرَ حين تَبَيَّنَ الصُّبْحُ بأذَانٍ وإِقامةٍ، ثم رَكِبَ القَصواءَ حتى أَتى المَشْعَرَ الحرَامَ، فَرَقِيَ عليه، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَحَمِدَ الله وكبَّرَهُ، وهَلَّلَهُ، ووَحَّدَهُ، فَلم يَزلْ واقِفاً حتَّى أسْفَرَ جداً، فَدَفَعَ قَبلَ أنْ تَطْلُعَ الشمسُ، وَأَردَفَ الفَضْلَ بنَ عَبَّاسٍ، وكان رَجُلاً حَسَنَ الشَّعْرِ أَبيضَ وَسِيماً، فلما دَفَعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مَرَّت ظُعْنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الفضلُ يَنظُرُ إِليهن، فَوضَعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَدَهُ على وَجهِ الفضل، فَحوَّلَ الفضلُ وجههُ إِلى الشقِّ الآخر يَنْظُرُ، فَحوَّلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَدَهُ من الشِّقِّ الآخر على وَجْهِ الفَضلِ، فَصَرَفَ وجهَهُ من الشِّقِّ الآخر ينظر، حتى أتى بَطْن مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قليلاً، ثم سَلَكَ الطريقَ الْوُسطَى التي تخرج إِلى الجمرَةِ الكبرى، حتى أتى الجمرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فَرمَاهَا بِسبعِ حَصَياتٍ، يُكبِّرُ مَعَ كل حَصَاةٍ منها، -[467]- حَصَى الخَذفِ (?) ، رمى من بطنِ الوادي، ثم انْصَرَفَ إِلى المَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثلاثاً وستِّينَ بَدَنَة بيده، ثم أعطى عَليّاً فَنحَرَ مَا غَبَرَ، وأَشرَكَهُ في هَدَيه، ثم أَمرَ من كُلِّ بَدَنةٍ ببَضْعَةٍ فَجُعِلتْ في قِدْرٍ، فَطُبخت، فأكلا من لحمِها، وَشَرِبا من مَرقِها، ثُمَّ ركبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فأفاضَ إِلى البيت، فصلَّى بمكة الظهرَ، فَأَتى بني عبد المطلب، وهم يَسقُونَ على زَمْزَمَ، فقال: انْزِعوا بَني عبد المطلب، فلولا أن يَغْلبَكُم الناسُ على سِقايتكُمْ لَنَزَعتُ مَعَكم (?) ، فنَاولوهُ دلواً فَشَرِبَ منه» .
وفي رواية: بنحو هذا، وزاد: «وكانت العَرَبُ يَدفعُ بِهِمْ -[468]- أبو سَيَّارَةَ (?) على حِمَارٍ عُريٍ، فلما أجازَ (?) رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من المُزْدَلِفَةِ بالمشعَرِ الحَرَامِ لم تَشُكَّ قُريشٌ أَنَّه سَيَقتَصِرُ عليه، ويكونُ مَنْزِلُه ثَمَّ، فَأَجازَ ولم يَعْرِضْ لَهُ، حتَّى أَتَى عَرفَاتٍ فنزَلَ» .
وفي أخرى: أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «نَحْرتُ هاهنا، ومِنى كُلُّها مَنْحرٌ، فانْحروا في رِحَالكُمْ، ووقَفْتُ هاهنا، وعرفةُ كُلُّها مَوقفٌ، ووقَفْتُ هاهنا، وجمع كلها مَوقِفٌ» . هذه رواية مسلم. وأخرج أبو داود الحديث بطوله.
وله في أخرى عند قوله: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهيم مُصَلَّى} [البقرة: 125] ، قال: «يَقْرَأُ فيهما، بالتوحيد (?) ، و {قُلْ يَا أيُّها الكافِرُونَ} ، وقال فيه: «فقال عليٌّ بالكوفةِ: قال أبي: هذا الحَرفُ لم يذكُره جابرٌ، يعني: فَذهبتُ مُحرِّشاً ... وذكر قصة فاطمة» .
وأخرج النسائي من الحديث أطرافاً متفرِّقة في كتابه، وقد ذكرناها.
قال محمد: «أتينا جابراً فَسألناهُ عن حجَّةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لو اسْتقْبَلْتُ من أمري ما اسْتَدْبرْتُ لم أسُق الهَدْي، -[469]- وجعَلتها عُمرَة، فمن لم يكن معه هَديٌ فَليحِلَّ، وَلْيَجْعلها عُمْرة، وَقَدِمَ عليٌّ من اليمن بِهَدْي، وساقَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة هَدْياً، وإذا فاطمةُ قد لَبستْ ثياباً صبيغاً واكتحلتْ، قال عليُّ: فانطلقتُ مُحرِّشاً أستفتي رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلتُ: يا رسولَ الله، إنَّ فَاطمة قد لَبستْ ثياباً صبيغاً واكتحلَتْ، وقالت: أمَرَني أبي، قال: صَدقَتْ صَدَقتْ صَدقتْ، أنا أمرْتُها» .
وله في موضعٍ آخر: قال: «إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- مَكثَ بالمدينةِ تِسعَ حِججٍ، ثم أذَّنَ في النَّاسِ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- حاجٌّ هذا العامَ، فَنَزَلَ المدينةَ بَشرٌ كثيرٌ، كلُّهم يَلْتَمس أنْ يَأْتمَّ برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ويفعل كما فَعَل، فخرَجَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لخَمْسٍ بَقِينَ من ذي القَعْدَةِ، وخرَجَنا مَعَهُ، قال جابر: ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظْهُرِنَا يَنزل عليه القرآنُ، وهو يَعرِفُ تأويله، وما عمل به من شيء عَملنا به، فَخَرْجنا لا نَنوي إلا الحجَّ» .
وله في موضع آخر: قال: إنَّ عَليّاً قَدِمَ من اليمن بهَديٍ، وساق رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة هَدْياً، فقال لعلي: بِمَ أهْلَلْتَ؟ قال: قلتُ: اللهُمَّ إني أهْللْتُ بما أهَلَّ به رسولُ الله. ومَعي الهَدْي، قال: فلا تَحِلَّ إذاً» .
وله في موضع آخر: «أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما أتى ذا الحليفة صَلَّى -[470]- وهو صامتٌ، حتى أَتَى البَيْدَاءَ» .
وفي موضع آخر: قال: «أقَامَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- تسعَ سِنينَ لم يَحُجّ، ثم أذَّنَ في الناسِ بالحجِّ، فلم يبقَ أَحدٌ يُريدُ أَن يَأتيَ راكباً أو راجلاً إلا قَدِمَ، فَتَداركَ النَّاسُ ليَخْرُجُوا مَعهُ، حتى حاذَى ذا الحلَيْفَةِ، وولَدَتْ أسماءُ بنتُ عُميسٍ محمدَ بنَ أبي بكرٍ، فأرسلَتْ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: اغْتَسلي واستَثفري بثَوبٍ ثُمَّ أَهِلي، ففعلت» .
وفي موضعٍ آخر: قال: «إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ساقَ هَدياً في حَجَّتهِ» .
وفي موضعٍ آخر: قال: «قدِمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مَكةَ ودخَلَ المسجدَ، فاستلم الحجَرَ، ثم مَضَى عن يمينه، فَرَملَ ثلاثاً ومَشى أربعاً، ثم أتى المقامَ، فقال: {واتَّخِذُوا مِنْ مقامِ إبراهيمَ مُصَلَّى} [البقرة: 125] فَصَلَّى ركعتينِ، والمَقَامُ بيْنَهُ وبين البيت، ثم أتَى البيتَ بعد الركعتين فاستلمَ الحجَرَ، ثم خَرجَ إلى الصَّفا» .
وفي موضع آخر: «أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ من المسجد وهو يُريدُ الصفا، وهو يقولُ: نَبدَأُ بما بدَأ الله به، ثم قرأ: {إنَّ الصَّفَا والمَروةَ من شَعائِرِ الله} [البقرة: 158] . -[471]-
وفي موضع آخر: قال: «إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَقِيَ على الصفا، حتى إذا نظرَ إلى البيت كَبَّر» .
وفي موضع آخر: «أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا وقفَ على الصَّفا يُكَبِّرُ ويقولُ: لا إله إلا الله وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيء قديرٌ، يَصنعُ ذلك ثلاثَ مَرَّاتٍ ويدعو، ويصْنعُ على المروةِ مثل ذلك» .
وفي موضع آخر: قال «طَافَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالبيت سبعاً: رمَلَ منها ثلاثاً، ومشى أَربعاً، ثم قامَ عند المقام، فَصلَّى ركعتين، وقرأ: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصلَّى} ورفَعَ صَوتَهُ لِيَسْمعَ النَّاسُ، ثم انصَرَفَ فاستلَم، ثمَّ ذَهَبَ، فقال: نَبْدأُ بما بدَأ الله به، فبدَأ بالصَّفَا، رَقِيَ عليه حتى بَدَا له البيتُ، وقال ثلاث مراتٍ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كل شيء قديرٌ، وكَبَّرَ الله وحَمِدَهُ ثم دعا بِما قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ نَزَلَ مَاشِياً حتى تَصَوَّبتْ قَدَمَاهُ في بَطنِ المَسيلِ، فَسَعَى حتَّى صَعِدَتْ قَدَمَاهُ، ثم مَشى حتى أتَى المروَةَ، فَصَعِدَ فيها، حتى بَدَا له البيتُ، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمد، -[472]- وهو على كل شيء قديرٌ، قال: ثلاثَ مَراتٍ، ثم ذكَرَ الله وسبَّحَهُ وحَمِدهُ، ودعا بما شاءَ، فَعَلَ هذَا حتَّى فرغ من الطوافِ» .
وفي موضع آخر: قال: «سارَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتَى عرفَةَ، ووجدَ القُبَّةَ قَدَ ضُرِبتْ له بنَمِرة، حتى إذا زاغت الشمسُ أمرَ بالقصْواءِ فَرُحِلَتْ له، حتى إذا انتهى إلى بَطْنِ الوادي خَطَبَ النَّاس، ثمَّ أذَّنَ، ثم أقام، فَصَلَّى الظهرَ، ثمَّ أقام فصلى العصْر، ولم يُصلِّ بينهما شيئاً» .
وفي موضع آخر: أنَّ نبيَّ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «عَرَفةُ كلُّها مَوقفٌ» .
وفي موضع آخر قال: «المُزْدَلِفةُ كلها مَوقِفٌ» .
وفي موضع آخر: «أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- دَفَعَ من المُزدلفَةِ قِبلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ، فأردفَ الفَضُلَ بن عبَّاسٍ، حتّى أتَى مُحَسِّراً، حَركَ قليلاً، ثم سَلَكَ الطريق الوسطى التي تُخرِجُكَ على الجمرةِ الكبرى، حتى أتى الجمرةَ التي عند الشجَرَةِ، فرَمَاها بسبع حَصَياتٍ، يُكبِّرُ مَع كلِّ حصَاةٍ منها، حصى الخذفِ، ورمى من بطن الوادي» . -[473]-
وزاد في طرفٍ آخر: «ثم انْصرفَ إلى المنْحَر فنحرَ» .
وفي موضع آخر: «أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- نَحرَ بعضَ بُدْنِهِ بيَدِهِ، ونَحَرَ بعضه غيرُهُ» (?) .
S (نساجة) : ضرب من الملاحف المنسوجة.
(المشجب) : أعواد مركبة يوضع عليها الرحل والثياب.
(واسثفري) استثفار الحائض: هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة توثق طرفيها في شيء آخر قد شدته على وسطها، ليمتنع الدم أن يجري ويقطر.
(القصواء) : اسم ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم تكن قصواء، لأن القصواء، هي المقطوعة الأذن. -[474]-
(صبيغاً) : ثوب صبيغ، أي: مصبوغ، فعيل بمعنى: مفعول.
(محرشاً) : التحريش: الإغراء، ووصف ما يوجب عتاب المنقول عنه وتوبيخه.
(بكلمة الله) : كلمة الله: هي قوله تعالى: {فَإمساكٌ بمَعرُوف أو تَسريحٌ بإِحسانٍ} [البقرة: 229] .
(لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهون) معناه: أن لايأذن لأحد من الرجال أن يتحدث إليهن، وكان الحديث من الرجال إلى النساء من عادات العرب، لا يرون ذلك عيباً، ولا يعدونه ريبة، إلى أن نزلت آية الحجاب، وليس المراد بوطء الفراش: نفس الزنا، لأن ذلك محرم على الوجوه كلها، فلا معنى لا شتراط الكراهة فيه، ولو كان ذلك كذلك لم يكن الضرب فيه ضرباً غير مبرح، إنما كان فيه الحد، والضرب المبرح: هو الضرب الشديد.
(يُنَكِّبها) نكب إصبعه: أمالها إلى الناس، يريد بذلك: أن يشهد الله عليهم.
(حبل المشاة) الحبل: واحد حبال الرمل، وهو ما استطال منه مرتفعاً. -[475]-
(شنق) زمام ناقته: إذا جمعه إليه، كفاً لها عن السرعة في المشي.
(مَوْرِك) : الرحل: ما يكون بين يدي الرحل، يضع الراكب رجله عليه، يقال: وَرَك وورّك، مخففَّاً ومثقلاً.
(ولم يسبح بينهما) : السبحة: الصلاة، وقيل: هي النافلة من الصلاة، أي: لم يصل بينهما سنة.
(وسيماً) : رجل وسيم: له منظر جميل.
(ظُعن) : جمع، ظعينة وهي المرأة في الهودج، والهودج أيضا يسمى: ظعينة.
(ماغبر) : الغابر: الباقي.
(انزعوا) : النزع: الاستقاء.