الباب الرابع: في الطواف والسعي ودخول البيت، وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول: في كيفية الطواف والسعي، وفيه فرعان
الفرع الأول: في الطواف، وهو ثلاثة أنواع
-[162]-
1428 - (خ م ت د س) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قَدِمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُهُ مَكَّة، وقد وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فقال المشركُون: إنَّهُ يَقْدُمُ عليكُمْ غَداً قومٌ قد وَهَنتْهُمُ الحمى، ولَقُوا منها شِدَّةً، فَجَلَسُوا ممَّا يَلي الْحِجْرَ، وأَمرهُم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أنْ يَرْمُلُوا ثَلاثَةَ أشْواطٍ، ويَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، لِيرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُم فقال المشركون: هؤلاء الذين زَعَمتم أن الحُمَّى قد وَهَنَتْهُمْ؟ هؤلاء أَجْلَدُ من كذا وكذا. قال ابنُ عبَّاسٍ: ولم يمنَعه [أنْ يأمرَهم] أنْ يَرْمُلُوا الأشواط كُلَّها: إلا الإبقاءُ عليهم (?) » .
وفي رواية: قال البخاري: وزاد حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عن أيُّوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «لما قَدِمَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعَامِه الَّذي اسْتأْمَنَ فِيهِ، قال: ارْمُلُوا، لِيُريَ المُشْركِينَ قُوَّتَهُم، والمشركون من قِبَلِ قُعَيْقِعَان (?) » .
وفي رواية مختصراً: قال ابنُ عباسٍ «إنما سَعَى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالبيت وبين الصفا والمروة لِيُرِيَ المشركين قُوَّتَهُ» . -[163]- هذه رواية البخاري ومسلم.
وأخرج الترمذي الرواية المختصرة الأخيرة.
وأخرج أبو داود والنسائي الرواية الأولى.
إلا أن أبا داود قال في حديثه: «إنَّ هَؤلاء أجْلَدُ مِنَّا» .
وفي أخرى لأبي داود «أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أضْطَبَعَ، فاسْتَلَمَ وكبَّرَ، ثمَّ رَمَلَ ثَلاثَةَ أطْوَافٍ، فكانُوا إذا بَلَغُوا الرُّكْنَ اليمانيَّ، وتَغَيّبُوا عن قُريْشٍ، مَشَوْا، ثم يَطْلُعُونَ عليهم يَرْمُلُون، فتقول قُرَيْشٌ: كأنهم الغزلانُ، قال ابن عباس: فكانت سُنَّة» (?) .
S (وهنَتْهم) : أي أضعفتهم ووعكتهم.
(أن يرملوا) : الرمل: سرعة المشي والهرولة.
(أشواط) : جمع شوط، والمراد به: المرة الواحدة من الطواف بالبيت. -[164]-
(جلَدَهم) : الجلد: القوة والصبر.
(أطواف) : جمع طوف. والطوف: مصدر طُفت بالبيت أطوف به طوفاً وطوافاً.
(استأمن) الرجل: طلب الأمان.
(اضطبع) : الاضطباع المأمور به في الطواف: هو أن تُدخِلَ الرِّداء من تحت إبطك الأيمن وتجمع طرفيه على عاتقك الأيسر فيبدو منكبك الأيمن ويتغطى الأيسر. وسمي بذلك لإبداء الضبعين. وهما العضدان ما تحت الإبط.