1336 - (خ م ط ت د س) أبو قتادة -رضي الله عنه- قال: «كنتُ يوماً جالساً معَ رِجالِ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، في منزلٍ في طريق مكة، ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أمَامَنا، والقومُ مُحْرِمونَ، وأنَا غيرُ محرمٍ، عامَ الحُدَيْبيةِ، فَأَبْصَروُا حماراً وحشِيّاً، وأنا مَشْغُولٌ، أخْصِفُ نَعلي، فلم يُؤْذنُوني، وأحبُّوا لو أنَني أبْصَرْتُهُ، والتَفَتُّ فأَبصرتهُ، فقُمتُ إلى الفرس فأسْرَجْتُهُ، ثم ركبتُ ونسيتُ السَّوْطَ والرُّمْحَ، فقلتُ لهم: ناوِلُوني السَّوط والرُّمْحَ قالوا: لا، والله لا نُعينُكَ عليه، فَغضبتُ، فنزلتُ فأخَذْتُهما، ثم ركبتُ فَشَدَدْتُ على الحمار، فُعَقَرْتُهُ، ثم جئتُ به وقد ماتَ، فوقَعُوا فيه يأكلُونَهُ، ثمَّ إنهم شَكُّوا في أكْلِهِمِ إيَّاهُ وهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنا -[56]- وخبأتُ العَضُدَ معي، فأدْرَكْنا رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-، فسألناهُ عن ذلك، فقال: هل معكم منه شيءٌ؟ فقلتُ: نعم فَناولُتُهُ العَضُدَ، فأكَلَهَا وهو محرِمٌ» .
زاد في رواية: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال لهم إنما هي طُعْمَةٌ أطُعَمَكُمُوهَا الله» .
وفي أخرى: «هو حلالٌ فكُلوهُ» .
وفي أخرى عن عبد الله بن أبي قتادة قال: انطلق أبي عام الحديبية فأحرم أصحابُهُ ولم يُحْرِم، وحُدِّثَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ عَدُوّاً يَغْزُوهُ، فانطلق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينما أنا مع أصحابه يَضْحَكُ بعضُهم إلى بعضٍ (?) فنظرتُ -[57]- فإذا أنا بِحمارِ وحشٍ، فحملتُ عليه، فطعَنْتهُ فَأْثَبتُّهُ، واستعنت بهم، فأَبَوْا أن يُعينوني، فَأكَلْنَا من لَحْمِهِ، وخشِينا أنْ نُقْتَطَعَ، فطلبتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أُرَفِّعُ فَرَسِي شَأْواً، وأسيرُ شأْواً، فَلَقِيتُ رَجُلاً من بني غِفارٍ في جَوْفِ الليل فقلت: أين تركت النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: تركته بتَعْهِن، وهو قائل السقيا (?) ، [فلحقته] ، فقُلتُ: يارسول اللَّه، إنَّ أهْلَكَ - وفي رواية: أصحابَكَ - يقرؤونَ عليك السلام ورحمة الله، إنهم قد خَشُوا أَنْ يقْتَطَعُوا دُونَك، فَانْتَظِرْهُمْ، فَفَعلَ، قلتُ: يا رسول الله، إني أصبْتُ حِمارَ وحْشِ، وعندي منه فَاضِلَةٌ، فقال للقوم: «كُلوا، وهم محرِمُونَ» . -[58]-
وفي أخرى قال: «كُنَّا مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بالْقَاحةِ (?) على ثَلاثٍ، ومِنَّا الْمحُرِم ومنَّا غير المحرِم (?) ، فرأيتُ أَصحابي يَتَراءَوْن شيئاً، فنظرتُ فإذا حمارُ وحشٍ» ... الحديث.
وفي أخرى قال: «إنَّ رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- خَرجَ حاجاً، فخرجُوا معه، فَصرَف طَائفَة منهم، فيهم أبو قَتادَةَ، قال: خُذُوا ساحِلَ الْبحْرِ، حتَّى نلْتَقي، فأخذُوا ساحل البحر، فلما أنصرَفُوا أحرُموا كلُّهمْ، إلا أبا قَتادةَ لم يُحْرِمْ، فَبَيْنا هم يسيرُون، إذْ رأوا حُمْرَ وحشٍ، فحمل أبو قتادة على الْحُمُر، فَعَقَر منها أتاناً» ... وذكر الحديث.
وفيه: فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أمِنْكُمْ أحدٌ أمرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عليها، أو أشارَ إليها؟» ، قالوا: لا، قال: «فَكُلُوا ما بقي من لحمها» . -[59]- هذه رواية البخاري ومسلم.
ولمسلم [عن أبي قتادة] قال: «انطَلَقَ أبي مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عام الْحُدَيْبِيَةِ، فأحْرَمَ أصحابُهُ ولم يُحْرِمْ، وحُدِّثَ رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّ عَدُواً بغَيْقَه (?) ، فانطلَقَ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ... وذكر نحو الرواية التي فيها: وهو قائلٌ السُّقْيا، ... وفي آخرها: فقال للقوم: كلُوا وهم مُحْرِمُون» .
وفي أخرى له قال: «أمِنكُمْ أحدٌ أمَرَهُ أنْ يَحْمِلَ عليها أو أشارَ إليها؟» .
وفي أخرى قال: «أشرْتُمْ، أو أَعَنُتمْ، أَو أَصدْتُمْ؟ قال شعبةُ: لا أَدري قال: أعنتُم، أو أَصدْتُم» .
وفي رواية الموطأ والترمذي وأبي داود والنسائي نحو من إحدى هذه الروايات.
وللنسائي أيضا مثلُ رواية عبد الله بن أبي قتادة (?) . -[60]-
S (أخصف) : خصف نعله يخصفها: إذا أطبق طاقاً على طاق، وأصل الخصف: الضم والجمع.
(فعقرته) عقرت الصيد: إذا أصبته بسهم أو غيره فقتلته.
(فأثبته) أي: حبسته وجعلته ثابتاً في مكانه.
(نُقتطع) اقتطعت الشئ: إذا أخذته لنفسك، والمراد: أن يحال بينك وبينهم.
(شأواً) الشأو: الشوط والطلق.
(بتَعْهن - والسقيا) : موضعان.
(قائل السقيا) أي: أن يكون في القائلة عندها.
(الأتان) : [الأنثى] من الحمير، ولايقال: أتانة، كذا قال الجوهري.
(أصدتم؟) تقول: صدت الصيد وأصدت غيري: إذا حملته على الصيد وأغريته به.