ولا عجب فالتشبه في الظاهر يدعو إلى المودة في الباطن وهذه إشارة لطيفة يدري بها الرجل العاقل والمرأة الحصيفة.
لقد شغلتنا دنياهم عن ديننا وأفسدت علينا دنيانا، وذلك بإيثارنا الدنيا واتباع هوانا.
دنيانا الطيبة السهلة البسيطة محقتها دنياهم محقا، وسحقتها سحقا، وحلّت محلها لا لنسعد بها وإنما لنشقى، فهي والله لا تناسب طباعنا، ولا تلائم أبداننا، إستبدلناها بدنيانا الطبيعية، فحلت بنا البلية، حيث كما ركنوا ركنا إلى الدنيا الدنيّة.
دنياهم أُنشئت على مقتضى اتباع الهوى وحب الخلود، فلما تشبهنا بهم وردنا حوضهم المورود، فلا دنيانا صالحة ولا ديننا سليم، وإنما الصراط المستقيم وَضْع الدنيا حيث وضعها الله ورسوله الكريم، فهي مركب موصل للآخرة، ولكنها ركبتنا بدلاً من أن نركبها، وجعلتنا من أي طريق نطلبها، فالله المستعان، وعليه التكلان.