أوشكت البناية على النهاية، وما بقى إلا القليل، وكل شيء يُعد ويهيأ ليوم الرحيل، والكل فرح مسرور، غير أن الأيام تفجأ بعظائم الأمور، صعد صاحبها بعض سطوحها ليرشه بالماء، فزلت قدمه فهوى من أعلاها مضرجاً بالدماء. فبدلاً من أن يسكنها سكن القبور، فتفكر بمآلك أيها المغرور إنك تبني بناء الخالدين على قنطرة العبور.
لست بدار إقامة، ولم تكفل لك فيها السلامة، بل لقد أُعلمت بأنك تمر فيها مرور.
تبني بناء مخلد في موطن ... هو دائب في النقض للإبرام
كتب الفناء عليه قبل مؤمّل ... فيه البقاء وطالب لدوام
أنظر لعمرك إنه متقلص ... كالظل وانظر سرعة الأيام
العمر يُهدم والبناء مشيد ... والقبر يُحفر حالك الإظلام
أعمال سوء لا تليق بموقن ... بالموت كيف بمدعي الإسلام