خلق ورزق وأحيا وأمات وأحسن وأجمل وإن الصبر والرضا والتفويض والتسليم إلى من يملك الدنيا والآخرة أولى وقد كنت أحسب أنك تعرف هذا فإذا قد عرفت مبلغ فهمك فإني لا أكلمك بكلمة واحدة حتى تفرق حضرة أمير المؤمنين بيننا إن شاء الله تعالى قال ثم أعرض عني فما سمعت منه لفظة غير القرآن والتسبيح أو حاجة أو ما يجري مجراها حتى شارفنا الكوفة في اليوم الثالث عشر بعد الظهر والنجب قد استقبلنني على فراسخ من الكوفة يتجسسون خبري فحين رأوني رجعوا عني بالخبر إلى أمير المؤمنين فانتهينا إلى الباب في آخر النهار فحططت ودخلت على الرشيد فقبلت الأرض بين يديه ووقفت فقال هات ما عندك يا منارة وإياك أن تغفل منه لفظة واحدة فسقت والحديث من أوله إلى آخره حتى انتهيت إلى ذكر الفاكهة والطعام والغسل والبخور والصلاة وما حدثت به نفسي من امتناعه والغضب يظهر في وجه الرشيد ويتزايد حتى انتهيت إلى فراغ الأموي من الصلاة والتفاته ومسئلته عن سبب قدومي ودفعي الكتاب إليه ومبادرته إلى إحضار ولده وأهله وحلفه عليهم أن لا يتبعه أحد منهم وصرفه إياهم ومد رجليه حتى قيدته فما زال وجه الرشيد يسفر حتى أنتهيت إلى ما خاطبني به عند توبيخه إياي لما ركبنا المحمل قال صدق والله ما هذا إلا رجل محسود على النعمة مكذوب عليه لعمري لقد أزعجناه وآذيناه وروعنا أهله فبادر ينزع قيوده عنه وائتني به قال فخرجت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015