فسكت، ثم قال أعيش ثلاثا وثمانين سنة فإن هذا الشعر لكثير عزة وقد نظرت فلم أجد بيني وبينه نسبة فإني سنّي وهو شيعي وأنا طويل وهو قصير وهو شاعر ولست بشاعر وأنا سلمي وهو خزاعي وأنا شامي وهو حجازي فلم يبق إلا السن فأعيش مثله فكان كذلك انتهى.
ومن ظرف ما يحكى أن الجاحظ قال عبرت يوما على معلم كتاب فوجدته في هيئة حسنة وقماش مليح فقام إليّ وأجلسني معه ففاتحته في القرآن فإذا هو ماهر ففاتحته في شيء من النحو فوجدته ماهرا ثم أشعار العرب واللغة فإذا به كامل في جميع ما يراد منه فقلت قد وجب عليَّ تقطيع دفتر المعلمين فكنت كل قليل أتفقده وأزوره قال فأتيت بعض الأيام إلى زيارته فوجدت الكتاب مغلقا فسألت جيرانه فقالوا مات عنده ميت فقلت أروح أعزيه فجئت إلى بابه فطرقته فخرجت إليَّ جارية وقالت ما تريد قلت مولاك فقالت مولاي جالس وحده في العزاء ما يعطي لأحد الطريق قلت قولي له صديقك فلان يطلب يعزيك فدخلت وخرجت وقالت بسم الله فعبرت إليه فإذا هو جالس وحده فقلت أعظم الله أجرك لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وهذا سبيل لا بد منه فعليك بالصبر