ونحن نقيم دلائل ذلك وبرهانه فإن القوس إذا عانق سهامه بنصر علم أنه وصل إلى الكنانة، وأبلغ المقر الجمالي في نظم بديع الهداي ونسخ الجفاء بكثرة رقيقة، وأدار من أواني الصيني كؤوسا اترعها الود بسلاف رحيقه، ودخلنا حلب المحروسة وأوصلناها ما استحق لها من ديون الفتح علينا، ورددنا ما اغتصب منها فقالت هذه بضاعتنا ردت إلينا، وقد آثرنا الجناب بكرامة هذه البشارة التي استبشر بها وجه الزمان بعد قطوبه وتبسم، فإن ركن هذا البيت الشريف ونسيب مدحه المقدم، فيأخذ منها حظه ويثلج صدر البرايا ففيها لهم برد وسلام، ويرعاهم بعين الرعاية ليضوع فيهم عرف العدل ويصير مسكا لهذا الختام، والله تعالى يمتعه في ليله ونهاره من أخبارنا السارة بالأعياد والمواسم، ويجعل له من صياغة أعماله إن شاء الله حسن الخواتم،.
قلت وذكرت بهذه الرحلة أيضا رحلتي من الديار المصرية إلى دمشق المحروسة المحمية سنة إحدى وتسعين وسبعمائة والملك الناصر قد خرج من الكرك ونزل عليها وتصدى لحصارها وقد اجتمعت عليه العساكر المصرية والشامية وحدث بدمشق المحروسة ما حدث من القتال والحصار والحريق فكتبت إلى مقر المرحومي الفخر القاضي ابن مكانس في شرح ذلك رسالة لم ينسج على