ثم رتب للشيخ والفقراء ما يحتاجون إليه من كل نوع فريد، واصبح كل أحد وهو للنزول عند ذلك الشيخ مُريد، ورزنا في اليوم السابع من الإقامة وقد قدمنا نقصد الخليل صلوات الله عليه بالنية الجلية، وطربنا لتلك المنازل وكيف لا نطرب لها وهي الخليلية، وزرنا قبر يونس عليه السلام في طريقنا ورفعنا لأنواره الجفون، وتملّى عند الزيارة ذو العين بذي النون، ثم نزلنا من محل الخليل على محل القوي، وحمدنا عند صباح ذلك الوجه السّري، واستقبلنا بمقام إبراهيم أمانا، واستلمنا من ضريح شائد الركن ومن ضرائح أهله أركانا، وأكلنا من شهي عدسه لونا ووجدنا من الهناء ألوانا، وقلنا لأنفاس الشوق كوني بردا وسلاما على إبراهيم، ووردنا مورد اللقاء تشفي ظمأ إبراهيم، وفرقت الهبات، وتليت الختمات، وجردت المواعيد على عوائدها المحكمات، فقلت:
قصدنا خليل الله في ظلِّ صاحبٍ ... جليِّ العلى والمكرمات جليل
فهذا لدنيانا وهذا لديننا ... فيا حبذا من صاحبٍ وخليل
وسرنا في ظل الصاحب من الخليل وكادت دمشق تمد أيدي إعطائها لمجاذبة ركابه، ومصر تتضرع بأصابع نيلها طعماً في اقترابه، وترضع ثدي هرمها داعية إلى الله بعوده إليها وغيابه، وهمّ شباك